معتدلا ، فعند استيلاء الغضب على القلب قوي الحرارة ، وكان الدماغ معتدلا ، فعند استيلاء الغضب على القلب ، فإن الدماغ المعتدل يمنعه عن الإفراط في العمل ، وإما إن كان القلب ، ضعيف الحرارة ، فصاحبه يكون جبانا. إلا أنه إذا كان الدماغ معتدلا ، فالعقل قد يحمله على أفعال الشجاعة ، وإن كان الجبن حاصلا في القلب.
والقسم الثالث : وهو القوة الشهوانية الكبدية :
فاعلم أن الشهوة. إما في المأكول والمشروب ، أو في الفرج (١) أما الشهوة في المأكول والمشروب. فنقول : البدن ، إما أن يكون كبيرا ، وإما أن يكون صغيرا ، وكذلك المعدة إما أن تكون كبيرة أو صغيرة ، وأيضا : فإن الإحساس بالجوع إنما يحصل بسبب أن بين الطحال ، وبين فم المعدة مجرى ينصب فيه قسط من السوداء الطبيعية إلى فم المعدة ، فيحصل هناك لذع ودغدغة. وذلك هو الإحساس بالجوع.
إذا عرفت هذا فنقول : ذلك المجرى إما أن يكون واسعا أو ضيقا. وإذا عرفت هذا فنقول : إن كان البدن كبيرا ، والمعدة كبيرة ، وكان ذلك المجرى واسعا ، فإنه يكثر جوع هذا الإنسان ، لأن البدن الكبير يتحلل منه أجزاء كثيرة ، والمعدة الكبيرة متسعة للغذاء الكثير ، والسوداء الكثيرة المنصبة في ذلك المجرى الواسع توجب الإحساس العظيم بالجوع ، فلما اجتمعت هذه الأسباب ، عظم الجوع.
فهذا الإنسان يأكل مقدارا كبيرا في المرة الواحدة ، ويكفيه ذلك زمانا (٢) مديدا ، وإما إن كان البدن صغيرا ، والمعدة صغيرة ، والمجرى ضيقا. فههنا يقل الجوع. لأن البدن لما كان صغيرا ، كان المتحلل منه قليلا ، ولما كانت المعدة صغيرة لم تتسع للطعام الكثير ، ولما كان المجرى ضيقا لم ينصب إلى فم المعدة إلا القليل من السوداء ، فعند اجتماع هذه الأسباب يقل الجوع.
__________________
(١) الجماع (م).
(٢) أياما (م).