لا جرم يبطل الصوت. فثبت : أن الآلة لحدوث الصوت هي الحنجرة. والحنجرة مؤلفة من ثلاثة غضاريف ، وهذه الغضاريف إنما تتحرك [بعضلات كثيرة ، وتلك العضلات إنما تتحرك (١)] بالأعصاب والأعصاب ثابتة من الدماغ. فثبت : أن فاعل الصوت هو الدماغ.
والوجه الثاني في بيان أن فاعل الصوت هو الدماغ : إنا نشاهد عضل البطن يتمدد عند التصويت بالصوت العنيف. وأما القلب ، فإنه لا يناله التعب عند التصويت.
الثالث : إن القلب إذا كشف عنه ثم قبض عليه ، فإنه لا يبطل من الحيوان صوته ، وإن كشف عن الدماغ ثم ضغط ، بطل في الحال صوت ذلك الحيوان.
فثبت بهذه الوجوه الثلاثة : أن مبدأ الصوت هو الدماغ ، لا القلب. وعند هذا البيان يصير هذا الكلام حجة [واضحة (٢)] على صحة أن محل القوة الناطقة هو الدماغ.
والجواب : إنا بينا أن سبب حدوث الصوت : خروج النفس. وبينا : أن سبب خروج النفس هو القلب ، فلزم القطع بأن السبب الحقيقي [لحدوث الصوت (٣)] هو القلب. وأما الوجوه التي ذكرتم ، فهي تدل على أن الدماغ محتاج إليه في حدوث الصوت ، وفي تكوين آلات حدوث الصوت ، وذلك لا يقدح في قولنا.
الحجة السابعة : إن القلب موضوع في موضع يقرب أن يكون وسطا من البدن ، وهذا هو اللائق بالرئيس المطلق ، حتى يكون ما ينبعث [منه (٤)] من القوى وأصلا إلى جميع أطراف البدن ، على القسمة العادلة. والدماغ موضوع
__________________
(١) سقط (ط).
(٢) ظاهرة (م) وهي ساقطة من (ل).
(٣) من (ل).
(٤) من (ل).