يوجد من كل نوع فردان ، وحينئذ يتم البرهان».
قلنا : وأي دليل على صحة هذه المقدمة؟ أقصى ما في الباب أن يقال : إنه لا بد من أن توجد نفس أخرى ، تشبه النفس الأولى في العلوم والأخلاق ، وسائر الصفات. إلا أن هذا لا يدل على التماثل ، لما ثبت : أن الماهيات المختلفة لا يمتنع اشتراكها في اللوازم الكثيرة.
الاعتراض الرابع : لم لا يجوز أن يقال : إن كل واحد منها يمتاز عن الآخر بسبب [عارض غير (١)] لازم للماهية؟ قوله : «الاختلاف في العوارض إنما يكون بسبب المادة» قلنا : هذا محال. لأنه لو كان [كذلك ، لكان (٢)] امتياز هذا الجزء ، عن ذلك الجزء [الآخر ، منه (٣)] لأجل الامتياز في المادة ، ولو كان كذلك ، لكانت مادة هذا الجزء ، إما أن تكون مخالفة لمادة الجزء الآخر إما في الماهية أو في العوارض. فإن كان الأول ، كان هذا الامتياز حاصلا قبل القسمة. والحال في كل مادة غير الحال فيما يخالفها. فيلزم أن يكون الجسم مؤلفا من أجزاء لا نهاية لها بالفعل. وهو محال.
وإن كان الثاني : وهو أن يقال إن مادة هذا الجزء [تمتاز عن مادة الجزء (٤)] الآخر بسبب عارض مفارق ، فحينئذ يلزم افتقار تلك المادة إلى مادة أخرى ، ولزم إما التسلسل وإما الدور [وهما محالان (٥)].
الاعتراض الخامس : سلمنا : أن الامتياز بالعوارض لا يحصل إلا بالمادة. فلم قلتم : إنه لم توجد قبل هذا البدن مادة أخرى؟ [وبيانه : أنه يحتمل أن يقال : هذه النفس كانت قبل تعلقها بهذا البدن متعلقة ببدن آخر (٦)] لا إلى أول (٧) وعلى هذا التقدير ، فإنه لا يمكنكم إبطال هذا الاحتمال ، إلا
__________________
(١) سقط (م) ، (ط).
(٢) سقط (م) ، (ط).
(٣) سقط (م) ، (ط).
(٤) سقط (م) ، (ط).
(٥) سقط (م) ، (ط).
(٦) سقط (ل).
(٧) نهاية وأول (م).