استقصينا في شرح مذهبه ، في كتاب «الحدوث والقدم وقال آخرون : إن هذه النفوس كانت كلفت بالطاعات ، ومنعت عن المعاصي. فمن أطاع نقل روحه إلى بدن أشرف [من بدنه (١)] وأعلى مما كان ، ليكون ذلك ثوابا له على تلك الطاعات ، ومن عصى نقل روحه إلى بدن شقي ، ليكون ذلك عقابا له على ما كان عليه [من المعاصي (٢)] واحتج الشيخ الرئيس «أبو علي بن سينا» على فساد القول بالتناسخ بدليلين (٣) :
الحجة الأولى : قال : إنه ثبت : أن النفوس البشرية حادثة ، وثبت أن علتها قديمة ، والموجود القديم لا يكون علة للشيء المحدث ، إلا إذا كان تأثيره فيه ، موقوفا على شرط حادث وذلك الشرط الحادث وهو حدوث البدن. فعلى هذا إذا حدث بدن ، وجب أن يفيض عن واجب الصور نفس ، فلو تعلق بذلك البدن نفس على سبيل التناسخ وتعلقت به هذه النفوس الحادثة أيضا ، لزم أن يتعلق بذلك البدن الواحد نفسان ، وهذا محال. لأن كل أحد يجد نفسه نفسا واحدة لا نفسين.
والاعتراض عليه من وجوه :
الأول : لا نسلم أن النفس حادثة. وذلك لأن الدليل الذي ذكرتم في إثبات حدوث النفس ، كان موقوفا على إبطال التناسخ ، ثم إنكم بنيتم دليلكم في إبطال التناسخ على حدوث النفس. فيقع الدور ، وهو باطل.
والاعتراض الثاني : سلمنا : أن النفس حادثة ، فلم قلتم : إن المؤثر في وجود النفس علة موجبة؟ ولم لا يجوز أن يكون المؤثر فيها فاعلا مختارا ، فيخلق تلك النفوس والأرواح في أي وقت شاء وأراد؟ وعلى هذا التقدير [فلا يمكنكم أن
__________________
(١) سقط (ل).
(٢) من (ل).
(٣) واحتج الرئيس على إبطاله بدليلين (أ).