اللسان ، فهذا اللسان هل يدرك الطعم أم لا؟ فإن أدرك فقد حصل المطلوب ، وإن لم يدرك فحينئذ نسبة اللسان إلى إدراك المذوقات ، كنسبة سائر الأعضاء إليه. وذلك يبطل هذا الاختصاص.
الثاني : إن التجارب الطبية دلت على أن الآفة ، إذا حلت في عضو من هذه الأعضاء ، اختلت تلك الأفعال ، وهذا ظاهر في الحواس الخمسة الظاهرة. وأما في الإدراكات الباطنة ، فالآفة إذا وقعت في البطن المقدم من الدماغ ، فسد التخيل. وإن وقعت في البطن الأوسط فسد التفكر. وإن وقعت في البطن الأخير ، فسد التذكر. ولو لا أن هذه القوى جسمانية ، وإلا لما كان الأمر كذلك.
الثالث : إن هذه الإدراكات الجزئية (١) حاصلة لسائر الحيوانات. فلو كان الموصوف بهذه الإدراكات نفسا مجردة ، لزم أن تكون نفوس الحيوانات : نفوسا مجردة. وهو بعيد.
الرابع : إنا إذا تخيلنا «الكرة» وجب أن يرتسم في هذا المدرك ، صورة الكرة بناء على أن الإدراك صورة مساوية للمدرك ، تحصل في المدرك. لكن من المحال أن ترتسم صورة الكرة ، فيما لا وضع له ولا مقدار.
وأما الوجوه الخاصة : فقد احتجوا على أن الإدراكات الظاهرة : جسمانية. بأن قالوا : لو كان المدرك للمحسوسات الظاهرة هو النفس ، لوجب أن لا يتوقف إحساس النفس بها ، على حضورها. وكان يجب أن يكون إدراك الإنسان للقريب والبعيد والغائب [والحاضر (٢)] واحدا. لأن النفس جوهر غير جسماني ، فيمتنع أن يكون لها قرب وبعد من الأجسام.
فإن قالوا : النفس إنما تدرك هذه المحسوسات بمعاونة (٣) هذه الآلات التي يصح عليها القرب والبعد. قلنا : العين إذا لم تكن فيها قوة باصرة ، لم يكن
__________________
(١) الجسدانية (م).
(٢) من (ل).
(٣) المفارقة لهذه (م).