القرب والبعد حاصلا بالنسبة إلى الرائي ، بل بالنسبة إلى غيره. وذلك لا فائدة فيه.
واحتجوا على أن التخيل لا يحصل إلا بقوة جسمانية : بوجوه ثلاثة :
الأول : إنا إذا تخيلنا مربعا مجنحا [بمربعين متساويين (١)] فلا شك أنه يتميز أحد هذين الجناحين عن الثاني في الفهم والإدراك. والنفي المحض والعدم الصرف ، يمتنع وقوع الامتياز فيه. فهذان المربعان لا بد وأن يكونا موجودين ، وظاهر أنه قد يكون (٢) ذلك غير موجود في الخارج ، فهو في الذهن. فإما أن يكون محل أحد هذين المربعين متساويان في الماهية ، وفي جميع لوازم الماهية ، فلو حصلا (٣) في محل واحد ، لارتفع الامتياز بالصفات العرضية أيضا ، فوجب أن لا يبقى الامتياز أصلا. وذلك باطل. وأن العلم الضروري حاصل بأنا نميز أحدهما عن الآخر. ولما بطل هذان القسمان تعين الثاني ، وهو أن يكون محل أحد هذين المربعين مباينا عن محل المربع الثاني. وهذا لا يعقل إلا إذا كان محل هذا الخيال جسما [حتى يحصل (٤)] في أحد جزئي ذلك الجسم ، إحدى الصورتين. وفي الجزء الثاني منه ، الصورة الثانية.
الثاني : إن الصورة الخيالية متفاوتة في المقادير. فإن تخيل البحر (٥) أعظم من تخيل الذرة. وهذا التفاوت إما أن يكون بسبب المأخوذ عنه أو بسبب الآخذ. والأول باطل. لأنا قد نتخيل ما لا وجود له في الخارج. فبقي الثاني ، وهو أن تكون الصورة ، تارة ترتسم في جزء كبير ، فتكون تلك الصورة أكبر ، وتارة في جزء صغير فتكون [تلك الصورة (٦)] أصغر.
الثالث : إنه لا يمكننا أن نتخيل السواد والبياض في شبح خيالي واحد ،
__________________
(١) سقط (ط).
(٢) لا يكون ذلك الخارج (م).
(٣) حصلت المربعات (م).
(٤) سقط (طا).
(٥) الجبل العظيم (م).
(٦) من (ل).