شيء كونه نافعا ، يتولد من ذلك [الاعتقاد (١)] ميل وإرادة. ويترتب على ذلك الميل : صدور الفعل عن القادر. فلا بد من شيء واحد يكون موصوفا بجميع تلك الإدراكات [الكلية والجزئية (٢)] ويكون موصوفا بالميل والإدراكات ويكون هو الموصوف بالتحريك والتدبير.
فهذا برهان قطعي يقيني [لا مرية فيه (٣)] في أن الموصوف بجميع هذه الصفات ، يجب أن يكون شيئا واحدا ، وأن توزيع هذه القوى ، وهذه الإدراكات على المحال المختلفة ، والمواضع المتباينة : قول (٤) ضد مقتضى العقل.
الحجة الثانية في إثبات أن النفس مدركة للجزئيات : أن نقول : لما ثبت أن النفس جوهر ليس حالا في الجسم. فذلك الجوهر ، إما أن يكون متصرفا في هذا البدن ومدبرا له ، وإما أن لا يكون. فإن لم يوجد هذا التصرف والتدبير كان ذلك الموجود (٥) مباينا لهذا البدن بالكلية ، ولا تعلق بينهما أصلا. وأما إن كانت النفس مدبرة للبدن ، فإما أن يكون قصد النفس تدبير مطلق البدن ، أو تدبير هذا البدن. فإن كان الأول لم يكن ظهور أثرها في هذا البدن ، أولى من ظهور ذلك الأثر في بدن آخر. فحينئذ يكون حال جميع النفوس مع جميع الأبدان على السوية. وذلك باطل قطعا. وإما إن كان قصد النفس المعينة تدبير هذا البدن [من (٦) حيث إنه هذا البدن المعين. فنقول : القصد إلى تدبير هذا البدن من حيث إنه هذا البدن المعين ، مشروط بالعلم بهذا البدن ، ولما كانت النفس تريد تدبير هذا البدن ، وجب أن تكون عالمة بهذا البدن من حيث إنه هذا البدن. فتكون النفس عالمة بالجزئيات. فإن قالوا : النفس تعلم الجزئيات
__________________
(١) سقط (طا).
(٢) من (م).
(٣) سقط (ط).
(٤) قول لا على مقتضى (ل).
(٥) الواحد (م).
(٦) من أول «من حيث إنه هذا البدن» إلى «فليس إلا هذا البرهان وما يشبهه» ساقط من (طا ، ل). في هذا الموضع. والناسخ وضعها في الحجة التاسعة من الفصل السادس.