والانجذاب إلى العالم أتم وأكمل. ولا شك أن في هذه الحالة منفعة عظيمة شريفة [عالية مرغبة (١)] في الاشتغال بالدعاء.
الفائدة الثانية : لا شك أنه كما يعتبر في حصول الأثر ، حال الفاعل ، فكذلك يعتبر حال القابل. وأيضا : فتأثيرات تلك العلل العالية في حوادث هذا العالم ، لا شك أنها موقوفة على شرائط حادثة ، وإلا لدامت الآثار لدوام تلك المؤثرات.
إذا عرفت هذا فنقول : إنه لا يمتنع أن يكون تكيف نفس الداعي بالكيفية الحاصلة عند الدعاء كان شرطا لفيضان تلك الآثار عن تلك العلل العالية ، فعند حصول هذه الحالة ، تحدث تلك الآثار عن تلك العلل العالية. ولا يمتنع أيضا أن يقال : إن نفس الداعي عند الاستغراق في الدعاء ، يظهر فيها نور من أنوار عالم الغيب ، وأثر من آثار تلك الأرواح القاهرة. وحينئذ تقوى جوهر النفس البشرية ، ويحصل لها استعلاء في تلك الحالة ، وبواسطة تلك القوة [والقدرة (٢)] يحصل ذلك الحادث المطلوب.
الفائدة الثالثة : إنا قد ذكرنا : أن لكل واحدة من هذه النفوس البشرية روحا من الأرواح العالية الفلكية ، وتكون هذه النفوس البشرية بالنسبة إلى تلك الروح (٣) كالأولاد بالنسبة إلى الأب. وكالعبيد بالنسبة إلى المولى ، فإذا أخذت النفس في التصفية عن العلائق الجسدانية ، ثم بالغت في الدعاء والتضرع ، انجذبت هذه النفوس إلى تلك الروح الفلكي ، الذي هو الأصل والمعدن والمنبع. وبسبب ذلك الانجذاب والاتصال يحصل في جوهر هذه النفس البشرية : قوة وقدرة وسلاطة على هيولى العالم العالم الأسفل ، فحينئذ تحصل آثار عجيبة وأحوال غريبة.
إذا عرفت هذا فنقول : اجتماع الجمع العظيم على الدعاء الواحد في
__________________
(١) سقط (ل).
(٢) من (س).
(٣) الأرواح (م ، س).