ذلك الأول. فظهر أن العلوم إنما كثرت بإعانة الكتبة. فلهذا قال عليهالسلام : «قيدوا العلم بالكتابة» فهذا بيان طريقة (١) النطق ، والإشارة ، والكتابة.
البحث الثاني فيما يتعلق بهذا الباب : إن المشهور أن يقال في حد الإنسان : إنه حيوان ناطق. فقال بعضهم : إن هذا التعريف باطل ، طردا وعكسا.
أما الطرد فلأن بعض الحيوان ينطق (٢) وأما العكس فهو أن بعض الناس لا ينطق ، ولما أجيب عنه : بأن المراد منه : النطق العقلي ، لم يذكروا لهذا النطق العقلي تفسيرا ملخصا. ونقول : الحيوان (٣) نوعان :
منه ما إذا عرف شيئا ، فإنه لا يقدر على أن يعرف غيره ، حال نفسه. مثل : البهائم وغيرها. فإنها إذا وجدت من أنفسها أحوالا مخصوصة. فإنها لا تقدر على أن تعرف غيرها تلك الأحوال. وأما الإنسان فإنه إذا وجد من نفسه حالة مخصوصة ، قدر على أن يعرف غيره تلك الحالة الموجودة في نفسه. فالناطق الذي جعل فصلا مقوما ، هو هذا المعنى. والسبب فيه : إنا بينا : أن أكمل طرق التعريف هو النطق ، المعبر (٤) عن هذه القدرة بأكمل الطرق الدالة عليها. وبهذا [الطريق (٥) و] التقدير ، فإن تلك السؤالات لا تتوجه [والله أعلم (٦)].
البحث الثالث (٧) : إن هذه الألفاظ والكلمات ، لها أسماء كثيرة :
فالأول : اللفظ وفيه وجهان :
__________________
(١) حقيقة : غير (م).
(٢) قد ينطق (م).
(٣) الجواب (م ، ط).
(٤) فعبر (م ، ط).
(٥) من (طا ، ل).
(٦) من (طا ، ل).
(٧) الرابع (م).