فإحداها : أنها محتاجة إلى الدهن.
وثانيها : أن رأسها لا تدخل في القارورة.
وثالثها : أن ذنبها يدخل.
ورابعها : أن المقصود حاصل بهذا الطريق ، فوجب الإقدام عليه.
والثاني : إن النحل يبني البيوت المسدسة. وهذا الشكل فيه منفعتان لا تحصلان إلا من المسدس. وتقريره : أن الأشكال على قسمين : منها أشكال متى ضم بعضها إلى بعض ، امتلأت القرصة منها ، ومنها : أشكال ليست كذلك.
فالقسم الأول : كالمثلثات والمربعات فإنهما وإن امتلأت القرصة منهما ، إلا أن زواياهما ضيقة ، فتبقى معطلة. وأما المسبع والمثمن وغيرهما ، فزواياهم وإن كانت واسعة ، إلا أنه لا تملأ القرصة منهم ، بل يبقى بينهم فضاء [معطل (١)] وأما الشكل المستجمع لكلتا المنفعتين ، فليس إلا المسدس. وذلك لأن زواياه واسعة ، فلا يبقى شيء من الجوانب فيه معطلا ، وإذا ضمت المسدسات بعضها إلى بعض ، لم يبق فيما بينها فرجة ضائعة. وإذا ثبت أن الشكل الموصوف بهاتين الصفتين هو المسدس ، لا جرم اختارت النحل بناء بيوتها على هذا الشكل ، ولو لا أنه تعالى أعطاها من الإلهام والذكاء ، وإلا لما حصل هذا الأمر. وفيه أعجوبة ثانية. وهي : أن البشر لا يقدرون على بناء البيت المسدس إلا بالمسطر والفرجار. والنحل يبني تلك البيوت من غير حاجة إلى شيء من الآلات والأدوات.
واعلم : أن عجائب أحوال النحل في رئاسته ، وفي تدبيره لأحوال الرعية ، وفي كيفية خدمة الرعية لذلك الرئيس : كثيرة ، مذكورة في كتاب «الحيوان».
الثالث : إن النملة تسعى في إعداد الذخيرة لنفسها ، وما ذاك إلا لعلمها
__________________
(١) من (م).