بأنها قد تحتاج في الأزمنة المستقبلة إلى الغذاء ولا تكون قادرة على تحصيله في تلك الأوقات، فوجب السعي في تحصيله في هذا الوقت ، الذي حصلت فيه القدرة على تحصيل الذخيرة.
ومن عجائب أحوالها أمور ثلاثة :
أحدها : إنها إذا أحست بنداوة المكان ، فإنها تشق الحبة نصفين لعلمها بأن الحبة لو بقيت سليمة ، ووصلت إليها النداوة لنبت منها النبات فتفسد الحبة على النملة. أما إذا صارت مشقوقة نصفين لم تنبت.
وثانيها : إنه إذا وصلت النداوة إلى تلك الأشياء ، ثم طلعت الشمس ، فإنها تخرج تلك الأشياء من جحرها ، وتضعها [في الشمس (١)] حتى تجف.
وثالثها : إن النملة إذا أخذت في نقل متاعها إلى داخل الجحر أنذر ذلك بنزول الأمطار وهبوب الرياح. وهذه الأحوال تدل على حصول ذكاء عظيم ، لهذا الحيوان الصغير.
الرابع : إن العنكبوت ، تبني بيوتها على وجه عجيب. وذلك لأنها ما نسجت [الشبكة التي هي (٢)] مصيدتها ، إلا بعد أن تفكرت أنه كيف ينبغي [أن يكون (٣)] وضعها ، حتى تصلح لاصطياد الذباب بها. وهذه الأفعال (٤) فكرية ، وليست أقل من الأفكار الإنسانية.
الخامس : إن الجمل والحمار إذا سلكا طريقا في الليلة الظلماء ففي المرة الثانية يقدر على سلوك ذلك الطريق من غير إرشاد مرشد ، أو تعليم معلم. حتى أن الناس إذا ضلوا في ذلك الطريق ، وقدموا الجمل وتبعوه ، يجدون الطريق المستقيم عند متابعته. وأيضا : فإن الإنسان لا يمكنه الانتقال من بلد
__________________
(١) سقط (ل).
(٢) من (طا ، ل).
(٣) من (ل).
(٤) أحوال (ل).