بهذا القول اختلفوا في تعيين نفس ذلك الجسم على وجوه :
الأول : قال بعضهم : إنه عبارة عن الأخلاط الأربعة التي يتولد منها هذا البدن.
والثاني : قال بعضهم : إنه هو الدم. وهذا الاختلاف مبني على أصل آخر ، وهو أن الأطباء اختلفوا. فقال كثير منهم : إن هذا البدن متولد من مجموع الأخلاط الأربعة. وقال قوم من المحققين : إنه متولد من الدم فقط ، ثم تولد من هذا الأصل : الاختلاف في أن الإنسان. هل هو عبارة عن مجموع الأخلاط الأربعة ، أو عن الدم؟
والقول الثالث : إنه عبارة عن الدم (١) اللطيف ، الذي يتولد من الجانب الأيسر من القلب ، وينفذ في الشريانات إلى سائر الأعضاء.
والقول الرابع : إنه هو الروح الذي يصعد من القلب إلى الدماغ ، ويتكيف بالكيفية الصالحة لقبول قوة الحفظ ، والفكر ، والذكر.
والقول الخامس : وهو قول «ابن الراوندي» ـ إنه جزء لا يتجزأ في القلب.
والقول السادس : وهو أنه جسم مخالف بالماهية للجسم ، الذي يتولد منه الأعضاء، وذلك الجسم جسم نوراني علوي خفيف ، حيّ لذاته ، متحرك ، ينفذ في جواهر الأعضاء ، ويسري فيها [سريان النار في الفحم (٢)] وسريان ماء الورد في الورد ، وسريان الدهن في السمسم. فما دامت هذه الأعضاء تبقى صالحة لقبول الآثار الفائضة عن هذا الجسم اللطيف الشريف ، وهو قوة الحس والحركة بالإرادة [بقي (٣)] مع ذلك الجسم ، مشابكا لهذه الأعضاء ، وأفادها هذه الآثار الشريفة ، والقوى النورانية. وإذا فسدت هذه
__________________
(١) الدم (م) الروح (ل ، ط)
(٢) من (ل)
(٣) من (طا)