وذلك محال. فلهذا السبب بقيت الأيون والأوضاع فيه بالقوة ، ولم تخرج بكليتها إلى الفعل [فهو يتحرك لأجل استخراجها من القوة إلى الفعل (١)] هذا هو القول المختار عند هذين الرجلين الفاضلين ، ونقلاه عن الحكيم «أرسطاطاليس» وهو عندي بعيد جدا ، ولا يليق بالرجل العاقل الفاضل أن يميل عقله إليه. والقسم الثاني من القسمين المذكورين في التقسيم : أن يقال : إن مقصود الفلك من تلك الحركات [استفادة (٢)] كمالات نفسانية.
واعلم : أن الكمالات النفسانية أحد أمور ثلاثة :
إما الحياة ، وإما الإدراك ، وإما العقل ، وكل واحد من هذه الأقسام الثلاثة محتمل هاهنا.
أما الاحتمال (٣) الأول : وهو أن يقال : المقصود من هذه الحركة إبقاء قوة الحياة. فتقريره : أن يقال : الاستقراء دل على أن اللطافة والشفافية والنورانية والحركة وقوة الحياة والعقل : أمور متلازمة. إما دائما وإما في الأكثر.
وأما الكلمة والسكون [والموت (٤)] والجهل. فهي أمور متلازمة. إما دائما ، وإما في الأكثر. ألا ترى أن القلب لما كان ينبوع الحياة ، لا جرم كان دائم الحركة. فكذا هاهنا الفلك لما كان ينبوع الحياة ، لا جرم كان دائم الحركة ، ولما كان حياة الفلك أكمل وأشرف من هذه الأجسام ، لا جرم كانت حركاته أشرف الحركات. وهي المستديرة الخالية عن التفاوت والاختلاف ، الموصوفة بكل ترتيب ونظام. وأما جرم الأرض. فلما كان معدن الظلمة والكثافة ، لا جرم كان معدن السكون والجمود. فالموت والسكون متلازمان ، والحياة والحركة متلازمتان. ولما كانت الحياة في عالم الأفلاك ، أبقى وأشرف ، كانت الحركات هناك أكمل وأشرف.
__________________
(١) سقط (ل).
(٢) سقط (طا).
(٣) القول (م).
(٤) سقط (طا ، ل).