الثوابت كرة واحدة ، أو كرات منطوي بعضها على بعض. فإن كان الحق : أنه كرات بحسب عدد الثوابت أو أكثر ، أو أقل ، وجب أن يثبت لكل واحد منها نفس وعقل على حدة.
وأيضا : زعم الشيخ الرئيس : أنه لا يبعد أن يقال : إنه حصل فوق فلك الثوابت ، وتحت الفلك الأعظم ، كرة أخرى. وبسبب حركاتها تتفاوت أحوال الميل (١) فإن ثبت القول بوجود تلك الكرة ، وجب أن يثبت لها نفس وعقل على حدة.
وحكى «أبو الوفاء البوزجاني» في «مجسطيه» : أن قدماء البابليين. زعموا : أن القطبين يحصل لهما ارتفاع وانخفاض في كل كذا وكذا من السنين. فإن ثبت ذلك ، وجب أن يثبت لتلك الكرة أيضا : نفس وعقل على حدة. وإذا عرفت هذا ، فقد ظهر لك أن حصر عدد العقول والنفوس في العشرة أو في الخمسين (٢) : قول لا يليق بأهل التحقيق.
بل نقول : الاحتمالات بعد ما ذكرناه باقية من وجوه :
الأول : إن الحال فيما وراء الفلك الأعظم غير معلوم. فلعله أحاط به كرات كثيرة ، بعضها محيط بالبعض. وأحوالها غير معلومة لنا. وبهذا التقدير ففي العقول والنفوس كثرة.
والثاني : إنا قد ذكرنا : أنه لا يمتنع في العقل وجود فلك عظيم الثخن ، ويكون هذا الفلك الأعظم الذي نعرفه نحن ، موجودا في ثخن تلك الكرة. ويحصل أيضا في ثخنه ألف ألف كرة ، مثل هذا الفلك الأعظم. وبهذا التقدير ففي العقول والنفوس كثرة.
الثالث : إنا ذكرنا : أنه حصل خارج العالم خلاء لا نهاية له ، ولم يدل دليل خيالي فضلا عن دليل يقيني ، على أن العالم واحد. وبتقدير أن تكون
__________________
(١) المثل (م).
(٢) الخمسة (م).