التأويل الثالث لعبدة الأصنام : إن أصحاب الأحكام والطلسمات ، كانوا يطلبون الأوقات الصالحة للطلسمات التي تقوي آثارها وفوائدها. وذلك الوقت لا يوجد في الألوف من السنين إلا لواحد. فإذا وجده عمل عليه طلسما لذلك المطلوب الخاص. ثم إنهم يعظمونه ويرجعون إليه عند طلب تلك المنافع والفوائد.
التأويل الرابع : ما ذكره «أبو معشر ، جعفر بن محمد البلخي (١)» فقال : إن كثيرا من أهل الصين والهند ، كانوا يقولون بالله والملائكة. إلا أنهم اعتقدوا : أن الله تعالى جسم ، وأن له صورة كأحسن ما يكون من الصور. وهكذا حال الملائكة أيضا في صورهم الحسنة. وكانوا يعتقدون أنهم محتجبون عنا بالسماوات. فلهذا السبب اتخذوا صورة حسنة وتماثيل أنيقة المنظر ، حسنة الرؤيا (٢) فجعلوا أحسنها وأعظمها على صورة الإله ، وزينوه بالذهب والجواهر النفيسة. ثم صوروا صورا ، دون تلك الصور الأولى ، على اعتقاد أنها صور الملائكة ، وأخذوا يعبدونها ، ويواظبون على خدمتها وعلى هذا التقدير فدين عبدة الأوثان فرع على القول بالتجسيد والتشبيه.
التأويل الخامس : إنه كلما مات لهم رجل يعتقدون في علو درجته ، وكمال مرتبته عند الله : اتخذوا تمثالا على صورته. وغرضهم منه : تعظيم ذلك الرجل الميت. وزعموا : أنه يوم القيامة يكونون شفعاؤهم عند الله. وقد أخبر الله تعالى عنهم في قوله تعالى : (ما نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونا إِلَى اللهِ زُلْفى) (٣) وقوله : (هؤُلاءِ شُفَعاؤُنا عِنْدَ اللهِ) (٤).
التأويل السادس : إن جماعة من المجسمة يجوزون حلول الإله تعالى في أبدان الحيوانات والنباتات. فلما شاهدوا من تلك الأصنام آثارا مخصوصة. إما
__________________
(١) المنجم (م).
(٢) الرواء (ط).
(٣) الرمز ٣.
(٤) يونس ١٨.