عليه كل القوة. وإلا لزم أن يكون البعض مثلا للكل. وهو محال. وكل ما كان أقل من غيره فهو متناه ، فالذي تقوى عليه بعض القوة ، يجب أن يكون متناهيا ، والذي يقوى عليه الكل ، أضعاف ما يقوى عليه البعض مرارا متناهية. وضعف المتناهي مرارا متناهية ، يجب أن يكون متناهيا ، فيلزم أن يقال : إن كل ما تقوى عليه القوة الجسمانية ، يجب أن يكون متناهيا.
والاعتراض : لا نسلم أن القوة العاقلة ، تقوى على أفعال غير متناهية. وأما قوله : «إنها تقوى على إدراكات غير متناهية ، والإدراكات أفعال ، ينتج : أنها تقوى على أفعال غير متناهية» قلنا : لا نسلم أنها تقوى على إدراكات غير متناهية. ولم لا يجوز أن يقال : إنها تنتهي في الإدراكات والمعارف إلى حيث لا يمكنها أن تزيد عليه شيئا؟ فإن قالوا : هذا محال ، وذلك لأن جوهر النفس ، لما أمكنها تحصيل الإدراك والمعرفة ، فلو انتهت إلى حد يمتنع عليها تحصيل الزائد ، لزم أن ينقلب الشيء من الإمكان الذاتي ، إلى الامتناع الذاتي [وهو محال.
فنقول : إن صح هذا الكلام. فهذا بعينه يدل على أن القوة الجسمانية تقوى على أفعال غير متناهية. وذلك لأن تلك القوة الجسمانية ، وجب القول بصحة بقائها أبدا. وإلا لزم انتهاؤها إلى وقت يمتنع بقاؤها فيه. وحينئذ يلزم الانتقال من الإمكان الذاتي ، إلى الامتناع الذاتي (١)] وهو محال.
وإذا ثبت إمكان بقائها أبدا ، وجب إمكان بقاء كونها مؤثرة أبدا. لو انتهت في صحة التأثير والفعل. إلى حيث أن يمتنع ذلك بعده ، لزم انتقالها من الإمكان الذاتي. إلى الامتناع الذاتي. وهو محال؟
فثبت : إن هذا الكلام الذي ذكروه في بيان أن القوة العاقلة تقوى على إدراكات غير متناهية إن صح ، وجب القطع بأن القوة الجسمانية تقوى على أفعال غير متناهية وذلك يوجب سقوط دليلهم بالكلية.
السؤال الثاني : إن قوة التخيل والفكر والذكر تقوى على استحضار
__________________
(١) سقط (ط).