ورابعها : إن قوله : «كل ما كان أنقص من غيره ، فهو متناه» فهذه مقدمة كثيرة المباحث والشبهات. وقد استقصينا الكلام فيها في مسألة «تناهي الأبعاد» في دليل : كون الأبعاد قابلة للزيادة والنقصان.
السؤال الخامس : وهو الذي أورده «الشيخ» على نفسه. فقال : «أليس أن النفس الفلكية المباشرة لتحريكات الفلك : قوة جسمانية ، مع أن الحركات الفلكية غير متناهية. فههنا قد صدر عن القوى الجسمانية : أفعال غير متناهية» وأجاب عنه : «بأن النفس الفلكية ، وإن كانت قوة جسمانية ، إلا أنها تستمد الكمال والقوة من العقل المفارق ، فلهذا السبب قدرت القوة الجسمانية على أفعال غير متناهية».
هذا هو الجواب الذي ذكره [الشيخ (١)] في أكثر كتبه فيقال له : فإذا كان الأمر كذلك ، فلم لا يجوز أن يقال أيضا : النفس الناطقة قوة جسمانية ، ألا أنها تستمد القوة والكمال من العقل الفعال ، فلا جرم قويت النفس الناطقة مع كونها جسمانية ، على أفعال غير متناهية. وهاهنا آخر الكلام على هذه الطريقة.
الحجة الرابعة : قالوا : لو كانت القوة العاقلة حالة في آلة جسمانية من قلب أو دماغ ، لوجب أن تكون القوة العاقلة دائمة الإدراك لتلك الآلة ، أو ممتنعة الإدراك لها مطلقا. والتالي باطل.
فالمقدم مثله باطل. بيان الشرطية : أن الإدراك عبارة عن حصول ماهية المعلوم في العالم ، فلو كانت القوة العاقلة حالة في مادة جسمانية ، لكان إدراك القوة العاقلة لتلك الآلة إما أن يكون عين وجود تلك الآلة ، وإما أن يكون عبارة عن حصول صورة مساوية لتلك الآلة في القوة العاقلة. وهذا القسم الثاني : محال.
__________________
(١) سقط (طا) ، (ل).