والبحث الثاني : وهو أنه إن عقل (١) حلول الشكل والمقدار ، فيما كان مجردا عن الحجمية والمقدار من كل الوجوه ، فلم لا يعقل حلول الشكل العظيم والمقدار العظيم في المحل الصغير [وذلك لأنا إنما نمنع من حلول الصور العظيمة في المحل الصغير (٢)] لأجل أن العظيم لا ينطبق بكليته على الصغير [فيمتنع حلوله فيه ، إلا أن العظيم وإن كان لا ينطبق بكليته على الصغير (٣)] فقد ينطبق العظيم على ذلك الصغير.
أما الموجود المجرد عن الجسمية والحجمية ، فإنه يمتنع انطباق الصورة المقدارية عليه ، لا بحسب الكل ، ولا بحسب البعض. فثبت : أن انطباق العظيم على الصغير أقرب عند العقل من انطباق الشكل والمقدار ، على ما ليس له شكل ومقدار [عند العقل (٤)] فإذا كان عدم الانطباق من جميع الوجوه ، لا يمنع من حلول الصورة [والشكل في الجوهر المجرد ، فعدم انطباق العظيم على الصغير ، أولى أن لا يمنع من حلول الصورة (٥)] العظيمة في المحل الصغير. وإذا بطلت هذه المقدمة ، فقد فسد هذا الدليل بالكلية.
والبحث الثالث : إن القدماء أقاموا الدليل على أن انطباع الصورة الخيالية في الجوهر المجرد : محال.
وتقريره أن نقول : إنا إذا فرضنا مربعا مجنحا بمربعين على هذه الصورة :
فإنه يمكننا أن نتخيل هذين المربعين الواقعين على الطرفين ، بحيث يتميز
__________________
(١) إنا عقلنا (م ، ط).
(٢) من (م ، ط).
(٣) مكرر في (ل).
(٤) سقط (طا ، ل).
(٥) سقط (ط).