تكون موجودة. والأول باطل. لأن قوة الإدراك والفهم تشير إلى كل واحد من تلك الصور ، وتميز بينها وبين غيرها. وربما بلغ ذلك التخيل ، إلى أن يصير كالأمر المشاهد المحسوس ، بسبب قوته. ومعلوم : أن العدم المحض والنفي الصرف ، لا يكون كذلك. فثبت : أن هذه الصور الخيالية : موجودة. ولما علمنا بالضرورة : أنها ليست موجودة في الأعيان ، ثبت أنها موجودة في الأذهان. فنقول : محل هذه الصورة ، إما أن يكون جسما ، أو حالا في الجسم ، أو لا جسم ولا حالا في الجسم. والقسمان الأولان باطلان. لأن صورة البحر والجبل والشموس والأقمار : صورا عظيمة ، والدماغ : جسم صغير. وانطباع الصور العظيمة في المحل الصغير : محال في بديهة العقل. ولما بطل ذلك ، ثبت : أن محل هذه الصور الخيالية موجودة ، ليس بجسم ولا بجسماني. وذلك هو المطلوب» هذا تقرير هذا الدليل (١)
واعلم: أن هذا الوجه ، لا شك أنه أخف مئونة من الدلائل المتقدمة. لأن هذا الدليل ، مبني على أن إدراك هذه الصور الخيالية ، يستدعي انطباعها في العالم. وهذه المقدمة فيها أبحاث :
الأول : إن جوهر النفس إذا كان مجردا عن الحجمية والمقدار ، امتنع كونها محلا للمقدار والشكل. وذلك لأنه إذا كان جوهرا مجردا عن الحجمية ، والمقدار ، كان [واحد (٢)] مبرأ عن القسمة والتركب ، وإذا كان كذلك ، فالمحل الذي تحل فيه صورة زاوية من زوايا ذلك المتخيل ، هو الذي بعينه الذي تحل فيه صورة الزاوية الثانية من ذلك المتخيل. وإذا كانت الصورة بأسرها مرتسمة في محل واحد ، فحينئذ لا يحصل امتياز جانب عن جانب في ذلك الإدراك ، وإذا لم يحصل هذا الامتياز ، امتنع إدراك (٣) الشكل والأضلاع في الجوانب(٤)
__________________
(١) الكلام (م).
(٢) سقط (طا ، ل).
(٣) امتياز (ل).
(٤) والجوانب (ل).