المنطقي ، ونظرا إلى البحث العقلي. أما البحث المنطقي فهو أنا قلنا : إن كانت القوة العقلية بدنية ، لزم من حصول الخلل في البدن ، حصول الخلل في القوة العقلية. وهذا اللزوم غير حاصل ، لأنه قد يبقى الشيخ مع كمال العقل ، فوجب أن لا تكون القوة العقلية بدنية، لأن انتفاء اللازم يدل على انتفاء الملزوم. أما إذا قلنا : إن هذا الخلل قد يحصل مع الشيخوخة ، فإنه لا ينتج شيئا [لأن الاستثناء من التالي ، لا ينتج شيئا (١)] وأما البحث العقلي ؛ فهو أنا بينا أنه لو كانت القوة العقلية بدنية ، لوجب عند حصول الخلل في البدن ، أن يحصل الخلل في القوة العقلية ، وأن لا ينفك ضعف البدن عن ضعف العقل. وحيث حصل هذا الانفكاك علمنا : أن القوة العقلية غنية في ذاتها عن البدن. فلا جرم لم يلزم من حصول الخلل في البدن ، حصول الخلل في العقل. وأما حصول الخلل في العقل في بعض أوقات حصول الخلل في البدن ، فهذا لا يدل على كون القوة العقلية بدنية ، لاحتمال أن يكون الموجب لاختلال العقل في هذه الصورة [سببا آخر (٢)] وهو أن شدة اهتمام النفس بإصلاح البدن ، يمنعها عن استكمال القوة النظرية (٣).
فهذا تمام الكلام في تقرير هذا الدليل.
والاعتراض عليه : لا نسلّم إنه لو كانت القوة العقلية بدنية ، لزم اختلالها بسبب حصول كل خلل في البدن. وبيانه من وجوه :
الأول : لم لا يجوز أن يقال : القدر المحتاج إليه من صحة البدن في كمال القوة العقلية: مقدار معين. وأما كمال حال البدن في الصحة فإنه غير (٤) معتبر في كمال حال القوة العقلية. وإذا كان هذا محتملا لم يبعد أن يقال : إن ذلك
__________________
(١) من (م ، ط).
(٢) سقط (ط).
(٣) استعمال (م ، ط).
(٤) غير معين ، وغير معتبر (م ، ط).