القدر المحتاج إليه باقي إلى آخر الشيخوخة [فلا جرم بقي العقل كاملا إلى آخر الشيخوخة (١)].
الثاني : إن الشيخ لعله إنما يمكنه أن يستمر في الإدراكات العقلية على الصحة والكمال ، لأن عقله يتم بعضو من البدن ، يتأخر الفساد والاستحالة إليه ، وإن ظهرت الآفة في سائر القوى والأفعال.
الثالث : إنه لا يمتنع أن تكون بعض الأمزجة أوفق لبعض القوى ، فلعل مزاج الشيخ أوفق للقوة العقلية. ولهذا السبب تقوى فيه القوى العقلية.
الرابع : إن المزاج إذا كان في غاية القوة والشدة ، كانت سائر القوى قوّية فتكون القوى الشهوانية والغضبية قوية جدا ، وقوة هذه القوى ، تمنع العقل من الاستكمال. فإذا حصلت الشيخوخة ، وحصل الضعف ، حصل بسبب ذلك الضعف ، ضعف في العقل ، وضعف في هذه القوى المانعة للعقل من الاستكمال ، وبقدر ما حصل من الضعف في العقل ، حصل الضعف في أضداد العقل ، فينجبر النقصان من أحد الجانبين ، بالنقصان الحاصل في المواضع ، فيحصل الاعتدال.
الخامس : إن الشيخ حفظ المقدمات الكثيرة ، ومارسها ، وكثرت تجاربه ، وهذه الأحوال تعينه على جودة الفكر (٢) وقوة النظر. فالنقصان الحاصل بسبب اختلال البدن ، صار مجبورا بما ذكرنا.
السادس : إن كثرة الأفعال سبب لحصول الملكات الراسخة ، فصارت الزيادة الحاصلة بهذا الطريق ، جابرة للنقصان الحاصل بسبب اختلال البدن.
السابع : [قال عليهالسلام (٣)] : «يهرم ابن آدم ، ويشيب منه اثنان : الحرص والأمل» والتجارب دالة على صدق هذه القضية ، مع أن الحرص
__________________
(١) سقط (طا ، ل).
(٢) جودة الفكر ، وقوة الفكر (م ، ط).
(٣) سقط (طا).