ولقد ذكرنا هذا وتوقفنا في التسليم به وعلّقنا عليه في سياق شرح موضوع التوبة في سورة البروج بما يغني عن التكرار.
ولقد تعددت روايات المفسرين وأقوالهم في تأويل جملة (يُبَدِّلُ اللهُ سَيِّئاتِهِمْ حَسَناتٍ) في الآية [٧٠] فهناك من قال إن معناها : «إن الذين يتوبون إلى الله ويؤمنون ويعملون العمل الصالح يكونون بذلك قد تبدّلت أعمالهم السيئة التي كانوا يمارسونها بالأعمال الحسنة التي صاروا يمارسونها ، وأن الله يبدّلهم بقبائح أعمالهم في الشرك ومحاسن الأعمال في الإسلام». وهناك من قال : «إن معناها أن الله يمحو السيئات التي اقترفوها قبل الإيمان والتوبة ويثبت لهم بدلها حسنات». وهناك من خرّج ذلك : «بأن التائب من الذنوب التي عملها قد قارن كل ذنب منها ندما عليه وكفّ نفسه عنه وعزم على ترك معاودته ، وهذه حسنات بلا ريب وقد محت التوبة أثر الذنب وخلفه هذا الندم والعزم وهو حسنة ، وبهذا تبدّلت السيئة بالحسنة» (١) وكل من هذه الأقوال وجيه.
(قُلْ ما يَعْبَؤُا بِكُمْ رَبِّي لَوْ لا دُعاؤُكُمْ فَقَدْ كَذَّبْتُمْ فَسَوْفَ يَكُونُ لِزاماً (٧٧)) [٧٧]
(١) ما يعبأ بكم ربي : يعبأ بمعنى يهيئ أو يكترث. وقد أوّل بعض المفسرين الجملة بمعنى (ما الذي يصنعه ربي لكم ويهيئه لكم بعد تكذيبكم) وأوّلها بعضهم بمعنى (لا يكترث ربي بكم ولا يبالي بعد تكذيبكم).
(٢) لزاما : لازما لا بدّ منه. وأكثر المفسرين على أن جملة (فَسَوْفَ يَكُونُ لِزاماً) (٧٧) بمعنى سوف يكون عذابكم واقعا ولا زما لكم لا بدّ منه.
جاءت الآية خاتمة للسورة ، والمتبادر من روحها ومضمونها أنها عود على بدء بسبيل إنذار الكفار وتقريعهم ، وأنها ليست استمرارا للآيات السابقة لها مباشرة
__________________
(١) انظر تفسير الآيات في الطبري وابن كثير والطبرسي والقاسمي.