المغيبة التي يقررها القرآن ، فيجب الإيمان بها ولو لم تدركها الحواس البشرية أو يتسق مع ما عرفه الناس من نواميس ونظم كونية كسائر الحقائق المغيبة التي قررها القرآن والوقوف منها عند ما وقف عنده القرآن دون تزيد وتمحل. فالعقل البشري كان وما يزال عاجزا عن إدراك كنه كثير من أسرار الكون وقواه.
ولقد أورد المفسرون أحاديث عديدة في سياق تفسير آيات سورة الحجر فيها تفصيلات عن استراق الشياطين للسمع وإيصال الأخبار إلى السحرة والكهان لم ترد في كتب الأحاديث الصحيحة. ولكنها متساوقة مع ما جاء في حديث البخاري وآيات سورة الجن وسور الحجر والصافات والملك. منها حديث عن ابن عباس قال : «تصعد الشياطين أفواجا تسترق السمع فينفرد المارد فيها فيعلو فيرمى بالشهاب فيصيب جبهته أو جنبه أو حيث شاء الله منه فيلتهب فيأتي أصحابه وهو يلتهب فيقول إنه كان من الأمر كذا وكذا فيذهب أولئك إلى إخوانهم من الكهنة فيزيدون عليه أضعافه من الكذب فيخبرونهم به فإذا رأوا شيئا مما قالوا قد كان صدقوهم بما جاؤوهم به من الكذب». وحديث أورده البغوي في سياق الآيات المذكورة عن أبي هريرة عن النبي صلىاللهعليهوسلم قال : «إذا قضى الله الأمر في السماء ضربت الملائكة بأجنحتها خضعانا لقوله كأنه سلسلة على صفوان فإذا قرّع عن قلوبهم قالوا ماذا قال ربكم قالوا الحق وهو العلي الكبير فيسمعها مسترقوا السمع ومسترقو السمع هكذا بعضهم فوق بعض فيسمع أحدهم الكلمة فيلقيها إلى من تحته ثم يلقيها الآخر إلى من تحته حتى يلقيها على لسان الساحر أو الكاهن فربما أدركه الشهاب قبل أن يلقيها وربّما ألقاها قبل. أن يدركه فيكذب معها مائة كذبة فيقال أليس قد قال لنا يوم كذا وكذا يكون كذا وكذا فيصدق بتلك الكلمة التي سمعت من السماء». ومنها حديث رواه البغوي عن عائشة في سياق الآيات نفسها جاء فيه : «إنها سمعت رسول الله صلىاللهعليهوسلم يقول إن الملائكة تنزل في العنان وهو السّحاب فتذكر الأمر الذي قضي في السماء فتسترق الشياطين السمع فتسمعه فتوحيه إلى الكهّان فيكذبون معها مائة كذبة من عند أنفسهم».
ونرجّح بل نجزم بأن ما ورد في هذه الأحاديث كان مما يتداوله العرب قبل