النار تكون عليهم حينما يردونها بردا وسلاما.
وهناك أحاديث عديدة نبوية تفيد أن الناس جميعهم يمرون على صراط فوق جهنّم يهوي فيها من يستحقها وينجو المتقون. من هذه الأحاديث ما لم يرد في كتب الصحاح ومنها الوارد في هذه الكتب. ومما ورد في هذه الكتب حديثان طويلان في الشفاعة ، روى واحدا الشيخان عن أبي هريرة عن النبي صلىاللهعليهوسلم جاء فيه «ثمّ يضرب الصّراط بين ظهراني جهنّم فأكون أول من يجوز من الرسل بأمّته ، ولا يتكلم أحد يومئذ إلا الرسل. وكلام الرسل اللهمّ سلّم اللهمّ سلّم» (١). وروى ثانيهما مسلم عن أبي هريرة عن النبي صلىاللهعليهوسلم جاء فيه «وترسل الأمانة والرحم فتقومان جنبي الصراط يمينا وشمالا فيمرّ أوّلكم كالبرق. ثم كمرّ الريح. ثم كمرّ الطير. وتجري بالرجال أعمالهم ، حتى تعجز أعمال العباد حتى يجيء الرجل فلا يستطيع السير إلا زحفا. قال وفي حافتي الصراط كلاليب معلّقة مأمورة تأخذ من أمر الله بأخذه. فمخدوش ناج ومكدوس في النار» (٢).
ولقد صوب الطبري تأويل الورود في الآية بالمرور على الصراط فوق النار فيسقط الظالمون وينجو المتقون بناء على هذه الأحاديث.
والمستفاد من أحاديث الشفاعة المشار إليها أن الذين في قلوبهم إيمان لا يخلدون في النار إذا ارتكبوا آثاما. فهم يسقطون فيها عن الصراط ليقضوا مدة عذابهم ثم يخرجون إلى الجنة بشفاعة النبي صلىاللهعليهوسلم ولا يخلد في النار من الساقطين فيها إلا الكفار.
ومهما يكن من أمر فالإيمان واجب بما جاء في القرآن وبما صحّ عن النبي صلىاللهعليهوسلم من المشاهد الأخروية. مع تكرار القول أنها من المتشابهات التي يجب إيكال تأويلها إلى الله تعالى واستشفاف ما في ذكرها بالأسلوب الوارد من حكمة. والملموح من الآيات والأحاديث أن من هذه الحكمة الترهيب للكفار والآثمين
__________________
(١) التاج ج ٥ ص ٣٤٢ ـ ٣٥٠.
(٢) المصدر نفسه.