الْعَلِيمُ (٢٢٠)) [٢١٣ الى ٢٢٠]
(١) العشيرة : هي الوحدة الاجتماعية التي ينضوي تحتها عدد من الأسر. وهي بمعنى ما يعرف اليوم بالحمولة.
الآيات تحتوي أوامر ربانية للنبي صلىاللهعليهوسلم في صدد دعوته وسيرته. فعليه أن يظل متمسكا بدعوته وإخلاصه لله وعدم إشراك أحد غيره معه في الدعاء لئلا يكون في عداد المعذبين. وأن ينذر أقاربه الأدنين وأن يعامل المؤمنين الذين يتبعونه فيما يأمرهم به وينهاهم عنه باللين والعطف والتسامح ، وأن يجعل اعتماده على الله وحده العزيز الرحيم الذي يراه ويراقبه ويرعاه في كل حالة من حالاته في قيامه وصلواته وخلواته ومع الساجدين معه والذي هو السميع لكل شيء العليم بكل شيء.
وحرف الفاء الذي بدئت به أولى الآيات يلهم أن بين هذه الآيات وما سبقها اتصالا ، والمتبادر أنها جاءت معقبة عليها كأنما أريد الالتفات إلى النبي صلىاللهعليهوسلم بعد الآيات السابقة لتقول له إن عليه ألّا يهتمّ ولا يغتمّ لمواقف الكفار وتكذيبهم ، وما عليه إلّا أن يدعوهم وينذرهم وخاصة عشيرته الأدنين وإلّا أن يستمر في إخلاصه لله سبحانه وحده ويجعل اعتماده عليه وموادّة الذين آمنوا به واتبعوه والتسامح معهم.
وبعض المفسرين يصرفون الضمير في فعل (عَصَوْكَ) إلى أقارب النبي صلىاللهعليهوسلم (١) وبعضهم إلى المؤمنين (٢). والمتبادر أن الرأي الأول هو الأوجه والأرجح والمتسق مع الظرف لأن احتمال العصيان من أقاربه هو المتوقع الأقوى.
وقد أورد بعض المفسرين في صدد جملة (وَتَقَلُّبَكَ فِي السَّاجِدِينَ) أقوالا وروايات عجيبة مفادها أنها تحتوي إشارة إلى تنقل النبي صلىاللهعليهوسلم في أصلاب مؤمنين ساجدين وأرحام مؤمنات ساجدات من لدن آدم وحواء إلى أن ولدته أمه ، وأن بعض أجداده كان يسمع تسبيح النبي في صلبه وتلبيته بالحج ... إلخ ، أو أن
__________________
(١) انظر تفسيرها في الطبري والطبرسي مثلا.
(٢) انظر تفسير الكشاف للزمخشري.