كانوا يتمنون أن يكون لهم ما كان له أن بسطة الرزق ليست خيرا دائما وأن فيها محكّا لأخلاق الناس وامتحانا لنوازعهم وكثيرا ما تكون عليهم نقمة وشرّا وأن الكافرين لا يفلحون قط.
٧ ـ إن الله قد ضمن للمتقين الذين يتحاشون الفساد والتجبر في الأرض أحسن العواقب في الآخرة.
وطبيعي أن هذه الحكم مستمرة المدى والشمول. وفيها من التشجيع على الفضيلة والبرّ وتقبيح الرذيلة والبغي والبطر والجحود وبثّ الطمأنينة والسكينة في نفوس المؤمنين والارتفاع بهم إلى الأفق الأعلى من مكارم الأخلاق وصالح الأعمال ما هو جليل رائع.
وجملة (لِلْمُتَّقِينَ) في آخر الآية [٨٣] في مقامها مناسبة جديدة لتكرار ما نبهنا عليه من مغزى التقوى التي هي أهم مظاهر الإيمان.
ولقد أورد المفسرون بعض الأحاديث التي تندد بالتعالي والبطر والتجبر في مناسبة آيات قصة قارون. ونكتفي من ذلك بما ورد في كتب الصحاح ، منها حديث رواه الشيخان عن أبي هريرة قال «قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم بينما رجل يمشي قد أعجبته جبّته وبرداه إذ خسف به الأرض فهو يتجلجل فيها حتى تقوم الساعة» (١). وحديث رواه مسلم عن أبي هريرة أيضا أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال «إنّ الله لا ينظر إلى من يجرّ إزاره بطرا» (٢) حيث ينطوي في الأحاديث صور من التعليق والتطبيق النبوي للآيات القرآنية على سبيل الموعظة والتعليم والتحذير.
(إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لَرادُّكَ إِلى مَعادٍ قُلْ رَبِّي أَعْلَمُ مَنْ جاءَ بِالْهُدى وَمَنْ هُوَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ (٨٥) وَما كُنْتَ تَرْجُوا أَنْ يُلْقى إِلَيْكَ الْكِتابُ إِلاَّ رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ
__________________
(١) التاج ج ٣ ص ١٤٧.
(٢) المصدر نفسه.