الكفار وبعث الطمأنينة والرضى في المؤمنين وهو مما استهدفته من دون ريب.
ولقد أورد ابن كثير في سياق جملة (الْيَوْمَ نَخْتِمُ عَلى أَفْواهِهِمْ وَتُكَلِّمُنا أَيْدِيهِمْ وَتَشْهَدُ أَرْجُلُهُمْ بِما كانُوا يَكْسِبُونَ) حديثا أخرجه ابن أبي حاتم عن أنس بن مالك قال : «كنّا عند النبي صلىاللهعليهوسلم فضحك حتى بدت نواجذه ثم قال : أتدرون مم أضحك؟ قلنا : الله ورسوله أعلم ، قال : من مجادلة العبد ربّه يوم القيامة ، يقول ربّ ألم تجرني من الظلم فيقول بلى فيقول لا أجيز عليّ إلّا شاهدا من نفسي فيقول كفى بنفسك اليوم عليك حسيبا وبالكرام الكاتبين شهودا. فيختم على فيه ويقال لأركانه انطقي فتنطق بعمله ثم يخلّي بينه وبين الكلام فيقول بعدا لكنّ وسحقا فعنكنّ كنت أناضل» ثم قال ابن كثير إن مسلما والنسائي رويا هذا الحديث أيضا.
وفي الحديث تفسير توضيحي للصورة التي احتوتها الآية قد يزول به ما يمكن أن يقوم من وهم التناقض بينها وبين آيات أخرى حكيت فيها أقوال يقولها الكفار يوم القيامة من قبيل الاعتذار مثل آية سورة المؤمنون هذه : (قالُوا رَبَّنا غَلَبَتْ عَلَيْنا شِقْوَتُنا وَكُنَّا قَوْماً ضالِّينَ (١٠٦) رَبَّنا أَخْرِجْنا مِنْها فَإِنْ عُدْنا فَإِنَّا ظالِمُونَ) (١٠٧). وآية سورة السجدة هذه : (وَلَوْ تَرى إِذِ الْمُجْرِمُونَ ناكِسُوا رُؤُسِهِمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ رَبَّنا أَبْصَرْنا وَسَمِعْنا فَارْجِعْنا نَعْمَلْ صالِحاً إِنَّا مُوقِنُونَ) (١٢).
وليس في الحديث بعد ما يخلّ بما قلناه من استهداف الآيات لإثارة الخوف والرعب في الكفّار كما هو واضح.
(وَلَوْ نَشاءُ لَطَمَسْنا عَلى أَعْيُنِهِمْ فَاسْتَبَقُوا الصِّراطَ فَأَنَّى يُبْصِرُونَ (٦٦) وَلَوْ نَشاءُ لَمَسَخْناهُمْ عَلى مَكانَتِهِمْ فَمَا اسْتَطاعُوا مُضِيًّا وَلا يَرْجِعُونَ (٦٧) وَمَنْ نُعَمِّرْهُ نُنَكِّسْهُ فِي الْخَلْقِ أَفَلا يَعْقِلُونَ (٦٨)) [٦٦ الى ٦٨]
(١) طمسنا : مسحنا وغطينا.
(٢) مسخناهم على مكانتهم : غيرنا خلقتهم أو شوهناها حتى يتعذّر عليهم