وقد انطوى فيها تلقين مستمر المدى أيضا. فقد اقتضت حكمة الله تعالى ألا يمنع متاع الدنيا ووسائلها عن الناس وأن يكون ذلك في متناولهم فإذا شاء أن ييسر لأحد نصيبا وحظّا فليس معناه أنه راض عنه وإنما معناه أنه تحت الاختبار فعليه ألّا يكتفي بذلك ويغتر وينشغل به عن التفكير في العواقب وأن يفكر في الآخرة ويسعى في سبيل النجاة من أهوالها ونيل رضاء الله ونعيمه فيها بالإيمان والعمل الصالح.
وواضح أن الآيات بهذا الشرح المستلهم من روح الآية والنصوص القرآنية الأخرى لا تتضمن تقبيح الاستمتاع بالحياة الدنيا وزينتها وإنما تتضمن التحذير من الاستغراق فيها استغراقا ينسى صاحبه التفكير في العواقب والقيام بواجباته نحو الله والناس.
وجملة (وَهُوَ مُؤْمِنٌ) في الآية الأولى هي قيد تنبيهي سبق وروده في الآية [١١٢] من سورة طه. ونبهنا على ما انطوى فيه من مغزى هام. فنكتفي بهذه الإشارة.
(لا تَجْعَلْ مَعَ اللهِ إِلهاً آخَرَ فَتَقْعُدَ مَذْمُوماً مَخْذُولاً (٢٢) وَقَضى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُوا إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوالِدَيْنِ إِحْساناً إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُما أَوْ كِلاهُما فَلا تَقُلْ لَهُما أُفٍّ وَلا تَنْهَرْهُما وَقُلْ لَهُما قَوْلاً كَرِيماً (٢٣) وَاخْفِضْ لَهُما جَناحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُما كَما رَبَّيانِي صَغِيراً (٢٤) رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِما فِي نُفُوسِكُمْ إِنْ تَكُونُوا صالِحِينَ فَإِنَّهُ كانَ لِلْأَوَّابِينَ غَفُوراً (٢٥) وَآتِ ذَا الْقُرْبى حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَلا تُبَذِّرْ تَبْذِيراً (٢٦) إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كانُوا إِخْوانَ الشَّياطِينِ وَكانَ الشَّيْطانُ لِرَبِّهِ كَفُوراً (٢٧) وَإِمَّا تُعْرِضَنَّ عَنْهُمُ ابْتِغاءَ رَحْمَةٍ مِنْ رَبِّكَ تَرْجُوها فَقُلْ لَهُمْ قَوْلاً مَيْسُوراً (٢٨) وَلا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلى عُنُقِكَ وَلا تَبْسُطْها كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُوماً مَحْسُوراً (٢٩) إِنَّ رَبَّكَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشاءُ وَيَقْدِرُ إِنَّهُ كانَ بِعِبادِهِ خَبِيراً بَصِيراً (٣٠) وَلا تَقْتُلُوا أَوْلادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُمْ إِنَّ قَتْلَهُمْ كانَ خِطْأً كَبِيراً (٣١) وَلا تَقْرَبُوا الزِّنى إِنَّهُ