استهدفت بشرى المؤمنين الصالحين وإثارة اغتباطهم وإنذار الكافرين وحملهم على الارعواء.
(وَلَوْ يُعَجِّلُ اللهُ لِلنَّاسِ الشَّرَّ اسْتِعْجالَهُمْ بِالْخَيْرِ لَقُضِيَ إِلَيْهِمْ أَجَلُهُمْ فَنَذَرُ الَّذِينَ لا يَرْجُونَ لِقاءَنا فِي طُغْيانِهِمْ يَعْمَهُونَ (١١)) [١١]
احتوت الآية تنويها بحكمة من حكم الله تجاه الجاحدين للقائه. فلو أن الله عجل لهم الشر بدرجة استعجالهم الخير لكان في ذلك هلاكهم وانقضاء أمرهم. ولكن حكمته اقتضت إمهالهم إلى الأجل المعين في علمه حتى يحق عليهم العقاب إذا ظلوا سادرين في غوايتهم وطغيانهم.
ولا يروي المفسرون رواية ما في صدد هذه الآية ، وقد تبدو جملة مستقلة عن سابقاتها ، غير أن تعبير (لا يَرْجُونَ لِقاءَنا) [١١] فيها وفي الآيات السابقة يجعل الصلة قائمة بينها وبين هذه الآيات لتحتوي تنديدا بالذين لا يرجون لقاء الله بأسلوب آخر. وقد شرحنا حكمة تأجيل الله عذابهم على النحو الذي شرحناه لأنه هو المتبادر من روحها ومن مقتضى تلك الحكمة. وهذا المعنى انطوى في آيات عديدة منها ما ورد في سور سابقة ، وإطلاق الكلام في الآية يجعلها مستمرة المدى والإنذار والتلقين في كل موقف مماثل في كل ظرف كما هو المتبادر.
(وَإِذا مَسَّ الْإِنْسانَ الضُّرُّ دَعانا لِجَنْبِهِ أَوْ قاعِداً أَوْ قائِماً فَلَمَّا كَشَفْنا عَنْهُ ضُرَّهُ مَرَّ كَأَنْ لَمْ يَدْعُنا إِلى ضُرٍّ مَسَّهُ كَذلِكَ زُيِّنَ لِلْمُسْرِفِينَ ما كانُوا يَعْمَلُونَ (١٢)) [١٢]
في الآية تنديد بخلق بعض الناس ـ والمقصودون هم المسرفون الجاحدون بلقاء الله أيضا على ما تلهم روحها ـ حيث اعتادوا حينما يمسهم ضرّ أن يلحفوا بالاستغاثة بالله تعالى وهم قاعدون وواقفون ومضطجعون. حتى إذا كشف الله عنهم الضرّ نسوه وكأنهم لم يدعوه ويستغيثوا به ، وهذا هو شأن المسرفين في ضلالهم