هذا آيات ربانية لمن يريد أن يسمع ويرى ويتدبر الأمر دونما عناد ومكابرة.
والآيات كما هو المتبادر من روحها وعطفها على ما سبقها مفصلة بالسياق وفيها استمرار لحكاية مواقف الكفار وتطمين للنبي صلىاللهعليهوسلم وتقرير واقع الأمر من شرك المشركين.
ولقد كان المشركون يعترفون بكون الله تعالى هو وحده خالق الكون ومدبره ومبدع نواميسه المتصرف فيه ، فجاءت الآية الثالثة تذكر مظهرا من مظاهر ذلك مذكرة منددة ، ولقد جرى النظم القرآني على ذكر بعض المظاهر الكونية دون بعض على سبيل الاستشهاد والتذكير ولا تعني حصرا ، وما احتوته الآية الثالثة من هذا الباب.
(قالُوا اتَّخَذَ اللهُ وَلَداً سُبْحانَهُ هُوَ الْغَنِيُّ لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ إِنْ عِنْدَكُمْ مِنْ سُلْطانٍ بِهذا أَتَقُولُونَ عَلَى اللهِ ما لا تَعْلَمُونَ (٦٨) قُلْ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللهِ الْكَذِبَ لا يُفْلِحُونَ (٦٩) مَتاعٌ فِي الدُّنْيا ثُمَّ إِلَيْنا مَرْجِعُهُمْ ثُمَّ نُذِيقُهُمُ الْعَذابَ الشَّدِيدَ بِما كانُوا يَكْفُرُونَ (٧٠)) [٦٨ الى ٧٠]
(١) إن عندكم من سلطان بهذا : ليس عندكم برهان ولا حجة على هذا.
تحكي الآيات عقيدة المشركين باتخاذ الله ولدا وتنزهه عن ذلك وتقرر أنه غني عنه لأن له ما في السموات والأرض وليس في حاجة إلى ولد يساعده أو ولي ينصره أو شريك يسنده ، وتؤكد بأن ما يقولونه غير مستند إلى علم وبرهان وإنما هو كذب وافتراء على الله ، وتنذرهم بأن مرجعهم إلى الله بعد متاع الحياة الدنيا القصير فيذيقهم جزاء افترائهم وكذبهم عذابه الشديد.
والآيات كذلك متصلة بالسياق كما هو المتبادر. وفيها تزييف لعقيدة اتخاذ الله ولدا بأسلوب قوي المنطق والإلزام.
والمتبادر أن ما حكته عن هذه العقيدة يعني عقيدة المشركين بأن الملائكة بنات الله وكلمة الولد تطلق على الذكر والأنثى والمفرد والجمع.