بالمعروف والنهي عن المنكر والدعوة إلى الخير حسنة إلخ ... وكما تذهب الصلاة الصادقة السيئات فإن مقتضى هذا المبدأ أن تذهب هذه الحسنات السيئات إذا ندم مقترفها وتاب عنها ، ومما يؤيد ذلك آية سورة الفرقان هذه : (إِلَّا مَنْ تابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صالِحاً فَأُوْلئِكَ يُبَدِّلُ اللهُ سَيِّئاتِهِمْ حَسَناتٍ وَكانَ اللهُ غَفُوراً رَحِيماً) (٧٠) التي جاءت عقب تعداد الجرائم الكبيرة التي يحرمها الله وينذر مقترفيها بالعذاب المضاعف والهوان المخلد ، وآيات سورة التوبة هذه : (وَآخَرُونَ اعْتَرَفُوا بِذُنُوبِهِمْ خَلَطُوا عَمَلاً صالِحاً وَآخَرَ سَيِّئاً عَسَى اللهُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ إِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (١٠٢) خُذْ مِنْ أَمْوالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِها وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ وَاللهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ) (١٠٣) وفي سورة النساء آية عظيمة في هذا الباب حيث تتضمن أن اجتناب المرء الكبائر مما يجعل الله عزوجل يغفر له الهفوات والسيئات وهي هذه : (إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبائِرَ ما تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئاتِكُمْ وَنُدْخِلْكُمْ مُدْخَلاً كَرِيماً) (٣١). ولقد ورد في حديث نبوي رواه الإمام أحمد عن معاذ رضي الله عنه : «يا معاذ أتبع السيئة الحسنة تمحها وخالق الناس بخلق حسن» (١). وفي حديث آخر رواه الإمام أحمد عن أبي ذر رضي الله عنه : «اتق الله حيثما كنت وأتبع السيئة الحسنة تمحها وخالق الناس بخلق حسن» (٢). والحديثان يؤيدان ما قلناه من عمومية المبدأ الذي احتوته الآية وإطلاقه.
وهكذا يفتح هذا المبدأ وما ورد في سياقه من أحاديث وما أيده من آيات أفقا واسعا أمام المؤمن ، ويتضمن وسيلة عظمى من وسائل إصلاح المؤمن وحفزه على عمل الصالحات والحسنات إذا ما قارف ذنبا مهما بدا عظيما وندم عليه ، وهو إن كان يشبه التوبة التي شرحنا مداها في سياق سورة الفرقان ففيه زيادة من حيث حفزه على الحسنات في سبيل محو السيئات.
هذا ، ولقد تعددت الأقوال التي يرويها المفسرون عن أهل التأويل في مدى
__________________
(١) انظر تفسير الآية في ابن كثير والحديث الثاني رواه الترمذي انظر التاج ج ٥ ص ٥٧.
(٢) المصدر نفسه.