وأعز الأعوان ، إلا أن من تمام إزاحة العلّة في التكليف حضور الناصر ، وقرب المعاضد والمرافد.
وقوله سبحانه في صفة الحجارة المرسلة على قوم لوط : (مُسَوَّمَةً عِنْدَ رَبِّكَ وَما هِيَ مِنَ الظَّالِمِينَ بِبَعِيدٍ) (٨٣) وهذه استعارة. لأن حقيقة التسويم هي العلامات التي يعلّم بها الفرسان والأفراس في الحرب ، للتمييز بين الشعارات ، والتفريق بين الجماعات.
قال الله سبحانه : (يُمْدِدْكُمْ رَبُّكُمْ بِخَمْسَةِ آلافٍ مِنَ الْمَلائِكَةِ مُسَوِّمِينَ) (١٢٥) [آل عمران]. وقال الله سبحانه : (وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ) [آل عمران / ١٤] والمعنى أنه سبحانه لمّا جعل تلك الحجارة حربا لهم وأعوانا عليهم ، وصفها بوصف رجال الحرب وخيولهم ، فكأنها مرسلة من عند الله ، أي من عند ملائكة الله الذين تولّوا الرمي بها ، إرسال الخيول المسوّمة على أعدائها ، وإن لم يكن هناك تسويم على الحقيقة.
وقد قال بعضهم : إن تلك الحجارة كانت على الحقيقة معلّمة بعلامات تدل على أنها أعدّت للعذاب ، وأفردت للعقاب. وذلك أملأ للقلوب ، وأعظم في الصدور.
وقوله سبحانه : (وَإِنِّي أَخافُ عَلَيْكُمْ عَذابَ يَوْمٍ مُحِيطٍ) (٨٤).
وهذه استعارة من وجهين : أحدهما وصف اليوم بالإحاطة ، وليس بجسم فيصح وصفه بذلك. والوجه الآخر : أن لفظ محيط هاهنا كان يجب أن يكون من نعت العذاب ، فيكون منصوبا. فجعله ـ سبحانه ـ من نعت اليوم فجاء مجرورا ، فأمّا وصف اليوم بالإحاطة ـ وان لم يتأتّ فيه ذلك ـ فالمراد به ـ والله أعلم ـ أن العذاب لما كان يعمّ المستحقّين له في يوم القيامة حسن وصف ذلك اليوم بأنه محيط بهم ، أي أنه كالسباج المضروب بينهم وبين الخلاص من العذاب والإفلات من العقاب. وأما نقل نعت العذاب الى نعت اليوم ، فالوجه فيه أن العذاب لمّا كان واقعا في ذلك اليوم ، كان ذلك اليوم كالمحيط به ، لأنه ظرف لحلوله ، ووقت لنزوله.
وقوله سبحانه : (بَقِيَّتُ اللهِ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ) [الآية ٨٦] وهذه استعارة. لأن حقيقة البقية تركة شيء من شيء قد مضى ، ولا يجوز إطلاقه