أي : لطريق واضح. والإمام اسم لما يؤتم به فسمي به الطريق ، ومطمر البناء واللوح الذي يكتب فيه ، لأنه ممّا يؤتمّ به.
أقول : دلالة الإمام معروفة ، وهو الرجل الذي يؤتمّ به في الصلاة ، أو من يتّخذ قائدا ، ومرشدا ، ودليلا ، فصاحب المذهب ، الذي يتمذهب به جماعة ، إمام لهم ، والخليفة إمام ، والرئيس إمام.
وكذلك يقال : المصحف الإمام ، وهو المصحف الذي انتهى إليه عثمان بن عفان ، ونسخت به كل المصاحف الأخرى.
و «الكتاب» الإمام وصفا ونعتا على المدح ل «كتاب» سيبويه.
١٠ ـ وقال تعالى : (لا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلى ما مَتَّعْنا بِهِ أَزْواجاً مِنْهُمْ وَلا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَاخْفِضْ جَناحَكَ لِلْمُؤْمِنِينَ) (٨٨).
أي : لا تطمح ببصرك طموح راغب فيه متمنّ له.
والخطاب إلى الرسول (ص) أي : أنه قد أوتي النعمة العظمى ، وهي القرآن العظيم فلا تمدّنّ عينيك إلى متاع الدنيا.
أقول : ومدّ العين لمعنى طموح البصر من المجاز البديع ، الذي قلّما يرد في نثر المعربين في عصرنا ، ولعله موجود في مجازات اللهجة العامية في العراق. وأمر اللغة عجيب فقد تلقى من فرائدها ولآلئها ما هو في نثر العامة ولا تلقاه في الفصيح.
وقوله تعالى : (وَاخْفِضْ جَناحَكَ لِلْمُؤْمِنِينَ) (٨٨) استعارة جميلة ، يراد بها أن يتواضع الرسول لمن معه من الفقراء المؤمنين وضعفائهم ، وأن يطيب نفسا عن إيمان الأغنياء والأقوياء.
١١ ـ وقال تعالى : (كَما أَنْزَلْنا عَلَى الْمُقْتَسِمِينَ (٩٠) الَّذِينَ جَعَلُوا الْقُرْآنَ عِضِينَ) (٩١).
المقتسمون : هم أهل الكتاب (الَّذِينَ جَعَلُوا الْقُرْآنَ عِضِينَ) (٩١) ، فقد كانوا يقتسمون القرآن استهزاء فيقول بعضهم : سورة البقرة لي ، ويقول الآخر : سورة آل عمران لي ، ويجوز أن يراد ب «القرآن» ما يقرءونه من كتبهم ، وقد اقتسموه بتحريفهم.
وقوله تعالى : (عِضِينَ) أي : أجزاء ، جمع عضة ، وأصلها عضوة «فعلة» من عضى الشاة إذا جعلها أعضاء ، قال رؤبة :