معه ، وهو يخشى من قريش أن يعرضوا له بحرب ، أو يصدّوه عن البيت. وتخلّف كثير من الأعراب عن مرافقته ظنا أن الحرب لا بدّ واقعة بينه وبين قريش ، فخرج رسول الله بمن معه من المهاجرين والأنصار ، ومن لحق بهم من العرب ، وساق معه الهدي سبعين بدنة. وأحرم بالعمرة ليأمن الناس من حربه ، وليعلموا أنه إنّما خرج زائرا للبيت ومعظّما له».
واستخلف رسول الله على المدينة عبد الله بن أم مكتوم ، وأخذ معه من نسائه أمّ سلمة ، وسار معه ألف وخمسمائة من المسلمين معتمرين ، وسيوفهم مغمدة في قربها ، فلمّا أصبحوا على مسيرة مرحلتين من مكة لقي النبي (ص) بشر بن سفيان فأنبأه نبأ قريش قائلا :
«يا رسول الله ، هذه قريش علمت بمسيرك فخرجوا عازمين على طول الإقامة وقد نزلوا بذي طوى يحلفون بالله لا تدخلها عليهم أبدا».
فقال رسول الله (ص) : «يا ويح قريش ، قد أكلتهم الحرب ، ماذا عليهم لو خلّوا بيني وبين سائر الناس ، فإن أصابوني كان الذي أرادوا ، وإن أظهرني الله دخلوا في الإسلام وافرين؟ والله لا أزال أجاهدهم على الذي بعثني الله به ، حتى يظهره الله أو تنفرد مني هذه السالفة».
وكان النبي (ص) حريصا على أن يتجنب الحرب مع قريش لأنه خرج متنسّكا معظّما للبيت لا للحرب.
وأرسلت قريش مندوبين عنها فأعلمهم النبي أنه لم يأت محاربا ، وإنما جاء معتمرا معظما للبيت.
وأرسل النبي (ص) عثمان بن عفان الى أهل مكة ليخبرهم بمقصد المسلمين فقال لهم : إنّا لم نأت لقتل أحد ، وإنّا جئنا زوّارا لهذا البيت ، معظّمين لحرمته. ولا نريد إلّا العمرة ، فأبت قريش أن يدخل النبي وصحبه مكة ، وأذنت قريش لعثمان أن يطوف بالبيت فقال : «لا أطوف ورسول الله ممنوع» ، فاحتبست قريش عثمان ، فشاع عند المسلمين أن عثمان قد قتل ، فقال (ص) حينما سمع ذلك : «لا نبرح حتّى نناجزهم الحرب».
بيعة الرضوان
دعا النبي الناس للبيعة على القتال فبايعوه على الموت ، تحت شجرة