عليه إلا أن يبلغهم ما يوحى إليه من دعوتهم إلى وحدانية الله ، وإنذارهم بالويل والهلاك إن لم يؤمنوا به ، وتبشير المؤمنين بأن لهم أجرا غير ممنون. ثم أخذ السياق يبيّن لهم قبح كفرهم به ، فذكر أنهم يكفرون بالذي خلق الأرض في يومين. ومضى هذا السياق في ترتيب أيام خلق الأرض والسماوات ، ثم أنذرهم إن أعرضوا عن الإيمان بالله تعالى ، بعد ذلك ، بصاعقة مثل صاعقة عاد وثمود. وأخذ في تفصيل ما حصل لهم من ذلك في دنياهم ، ثم ذكر ما يحصل لهم بعد حشرهم من شهادة سمعهم وأبصارهم وجلودهم عليهم ، إلى غير هذا ممّا ذكره من أمر آخرتهم ، ثم عاد إلى ذكر إعراضهم عن إنذار القرآن لهم ، فذكر أنهم قالوا : (لا تَسْمَعُوا لِهذَا الْقُرْآنِ وَالْغَوْا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَغْلِبُونَ) (٢٦). ثم هدّدهم جلّ جلاله على ذلك بما أعده لهم من العذاب الشديد ، وذكر ما أعدّه للمؤمنين من حسن لقاء الملائكة لهم ، إلى قولهم في لقائهم لهم (نُزُلاً مِنْ غَفُورٍ رَحِيمٍ) (٣٢).
شرف الغرض الذي تدعو إليه
الآيات [٣٣ ـ ٥٤]
ثم قال تعالى : (وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِمَّنْ دَعا إِلَى اللهِ وَعَمِلَ صالِحاً وَقالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ) (٣٣) ؛ فذكر شرف الغرض في الدعوة إلى الله ، وأمر رسوله (ص) أن يقابل في دعوته إساءتهم بالحسنة ، وأن يستعيذ بالله جلّ وعلا إذا نزغه من الشيطان نزغ من الغضب ؛ ثم ذكر سبحانه أن من آياته الليل والنهار والشمس والقمر ، ونهاهم جلّ شأنه أن يسجدوا للشمس والقمر ، وأمرهم بالسجود له تعالى ، فإن استكبروا فلا ينقص ذلك شيئا من سلطانه ؛ وتسبيح الملائكة له سبحانه لا ينقطع إقرارا وإذعانا. ثم ذكر السياق أن من آيات الله إحياء الأرض بالمطر ، ليبيّن لهم أنّ الذي يحيي الأرض قادر على إحياء الموتى ، وانتقل السياق من ذلك الى تهديدهم على إلحادهم في آياته بعد إحيائهم.
ثم عاد هذا السياق إلى تهوين أمر إساءتهم للرسول (ص) ليؤكّد ما أمره من مقابلتها بالحسنة ، فذكر أنّه لا يقال له إلا ما قد قيل للرسل من قبله ، فلا يصحّ أن يضيق صدره بما قالوه في أول