المبحث الأول
أهداف سورة «الفتح» (١)
سورة «الفتح» سورة مدنية ، نزلت في الطريق بين مكة والمدينة عند الانصراف من الحديبية ، وآياتها ٢٩ آية ، نزلت بعد سورة الجمعة.
ونلمح ، في بداية السورة ، فضل الله تعالى على النبي (ص) وصحبه ، وآثار نعمائه ، جلّ وعلا ، على المسلمين.
وقد سبقتها ، في ترتيب المصحف ، سورة «محمد» التي وصفت ظلم المشركين والمنافقين ، وحرّضت المسلمين على الجهاد ، وحذرتهم من الخنوع والبعد عن طاعة الله.
وقد نزلت سورة «محمد» في الفترة الأولى من حياة المسلمين بالمدينة. أما سورة «الفتح» ، فقد نزلت في العام السادس من الهجرة ، وكان عود المسلمين قد اشتد ، وقوتهم قد زادت ، وظهر أثر ذلك في بيعة الرضوان التي تمت تحت الشجرة على التضحية والفداء.
صلح الحديبية
رأى رسول الله (ص) في منامه ذات ليلة أنّه دخل المسجد الحرام في أصحابه ، آمنين محلّقين رؤوسهم ومقصرين لا يخافون عدوّا ، فاستبشر بذلك وأخبر أصحابه ، فاستبشروا وفرحوا واستعدّوا لزيارة البيت الحرام معتمرين. «وفي ذي القعدة من السنة السادسة للهجرة ، خرج النبي (ص) معتمرا لا يريد حربا ، واستنفر العرب ومن حوله من أهل البوادي ليخرجوا
__________________
(١). انتقي هذا الفصل من كتاب «أهداف كلّ سورة ومقاصدها» ، لعبد الله محمود شحاته ، الهيئة العامة للكتاب ، القاهرة ، ١٩٧٩ ـ ١٩٨٤.