المبحث الثاني
ترابط الآيات في سورة «الشورى» (١)
تاريخ نزولها ووجه تسميتها
نزلت سورة «الشّورى» بعد سورة «فصّلت» ، ونزلت سورة «فصلت» بعد الإسراء ، وقبيل الهجرة ، فيكون نزول سورة «الشورى» في هذا التاريخ أيضا.
وقد سميت هذه السورة بهذا الاسم لقوله تعالى : (وَالَّذِينَ اسْتَجابُوا لِرَبِّهِمْ وَأَقامُوا الصَّلاةَ وَأَمْرُهُمْ شُورى بَيْنَهُمْ وَمِمَّا رَزَقْناهُمْ يُنْفِقُونَ) (٣٨) وتبلغ آياتها ثلاثا وخمسين آية.
الغرض منها وترتيبها
الغرض من هذه السورة : بيان اتفاق الرّسل على شرع الإسلام من أوّلهم إلى آخرهم ، وإنذار من يخالفه بعذاب الدنيا والآخرة ، وتبشير من يؤمن به بحسن الثواب فيهما. وبهذا تتّفق ، هي والسورة السابقة ، في ما جاء فيهما من الترهيب والترغيب ، مع ما فيها من أخذهم بشيء من طريق الدليل ، وهذا هو وجه المناسبة بين السورتين.
اتفاق الرّسل على شرع الإسلام
الآيات [١ ـ ٥٣]
قال الله تعالى : (حم (١) عسق (٢) كَذلِكَ يُوحِي إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ اللهُ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ) (٣) فمهّد لذلك بأن الذي يوحي إلى الرسول (ص) وإلى الرسل قبله ، إله واحد ، هو العزيز الحكيم ؛ وذكر ما ذكر من سعة ملكه سبحانه ، وعلوّه وعظمته جلّ جلاله ،
__________________
(١). انتقي هذا المبحث من كتاب «النظم الفنّي في القرآن» ، للشيخ عبد المتعال الصعيدي ، مكتبة الآداب بالجمايز ـ المطبعة النموذجية بالحكمية الجديدة ، القاهرة ، غير مؤرّخ.