المبحث الثاني
ترابط الآيات في سورة «فصّلت» (١)
تاريخ نزولها ووجه تسميتها
نزلت سورة «فصّلت» بعد سورة «غافر» ، ونزلت سورة «غافر» بعد الإسراء ، وقبيل الهجرة ، فيكون نزول سورة فصلت في ذلك التاريخ أيضا.
وقد سميت هذه السورة بهذا الاسم لقوله تعالى في أولها : (كِتابٌ فُصِّلَتْ آياتُهُ قُرْآناً عَرَبِيًّا لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ) (٣) وتبلغ آياتها أربعا وخمسين آية.
الغرض منها وترتيبها
ترمي من هذه السورة إلى بيان الغرض من نزول القرآن ، وهو التبشير بالثواب والإنذار بالعقاب ، وهي بهذا تكاد تتّفق في الغرض مع السورة السابقة ، وهذا هو وجه ذكرها بعدها. وقد جمع فيها بين الأخذ بالترغيب والترهيب ، والأخذ بالدليل أيضا.
بيان الغرض من نزول القرآن
الآيات [١ ـ ٣٢]
قال الله تعالى : (حم (١) تَنْزِيلٌ مِنَ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ) (٢) فذكر ، سبحانه ، أن القرآن تنزيل منه ، وأنه كتاب فصّلت آياته ليكون بشيرا ونذيرا للناس ، فأعرض أكثرهم عنه وقالوا استهزاء بوعيده ، كما ورد في التنزيل : (فَاعْمَلْ إِنَّنا عامِلُونَ) (٥) وقد أمر النبي (ص) أن يجيبهم عن هذا بأنه بشر مثلهم ، فليس له شيء من أمر عقابهم ، وما
__________________
(١). انتقي هذا المبحث من كتاب «النظم الفنّي في القرآن» ، للشيخ عبد المتعال الصعيدي ، مكتبة الآداب بالجمايز ـ المطبعة النموذجية بالحكمية الجديدة ، القاهرة ، غير مؤرّخ.