المبحث السابع
لكل سؤال جواب في سورة «الحجرات» (١)
إن قيل : لم قال تعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللهِ وَرَسُولِهِ) [الآية ١] ، والمراد به نهيهم أن يتقدّموا على رسول الله (ص) بقول أو فعل ، لا أن يقدّموا غيرهم.
قلنا : «قدّم» هنا لازم بمعنى «تقدّم» ، كما في قولهم : بيّن وتبيّن ، وفكّر وتفكّر ، ووقّف وتوقّف ، ومنه قول الشاعر :
إذا نحن سرنا سارت الناس خلفنا |
|
وإن نحن أومأنا إلى الناس وقّفوا |
أي توقفوا ، وقيل معناه : لا تقدّموا فعلا قبل أمر رسول الله (ص).
فإن قيل : ما الحكمة في قوله تعالى : (وَلا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ) [الآية ٢] بعد قوله سبحانه : (لا تَرْفَعُوا أَصْواتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِ) [الآية ٢].
قلنا : فائدته تحريم الجهر في مخاطبته (ص) باسمه نحو قولهم يا محمد ، ويا أحمد ، فهو أمر لهم بتوقيره وتعظيمه (ص) في المخاطبة. وأن يقولوا يا رسول الله ، ويا نبي الله ، ونحو ذلك ، ونظيره قوله تعالى : (لا تَجْعَلُوا دُعاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعاءِ بَعْضِكُمْ بَعْضاً) [النور / ٦٣].
فإن قيل : لم قال تعالى : (أَنْ تَحْبَطَ أَعْمالُكُمْ) [الآية ٢] أي مخافة أن تحبط
__________________
(١). انتقي هذا المبحث من كتاب «أسئلة القرآن المجيد وأجوبتها» ، لمحمد بن أبي بكر الرازي ، مكتبة البابي الحلبي ، القاهرة ، غير مؤرّخ.