هناك سميت «شجرة الرّضوان». وقد بارك الله هذه البيعة ، وأعلن رضاه عن أهلها فقال سبحانه : (لَقَدْ رَضِيَ اللهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ) [الآية ١٨].
شروط الصلح
علمت قريش بخبر هذه البيعة ، فاشتدّ خوفها ، وقويت رغبتها في الصلح ، وأرسلت سهيل بن عمرو ليفاوض المسلمين بشأن الصلح ، وتوصل الطرفان الى معاهدة مشتركة سميت بصلح الحديبية ؛ وأهم شروط هذا الصلح ما يأتي :
١ ـ وضع الحرب بين المسلمين وقريش عشر سنين.
٢ ـ من جاء الى محمد من قريش بغير إذن وليّه ردّه عليهم ، ومن جاء قريشا من المسلمين لا يلزمون بردّه.
٣ ـ من أراد أن يدخل في حلف محمد دخل فيه ، ومن أراد أن يدخل في حلف قريش دخل فيه.
٤ ـ أن يرجع النبي من غير عمرة هذا العام ، ثم يأتي في العام المقبل فيدخل مكة بأصحابه ، ويقيموا بها ثلاثة أيام ، ليس معهم من السلاح إلّا السيف في القراب.
وقد كان هذا الصلح مثار اعتراض من بعض كبار المسلمين ، لأنهم جاءوا للطواف بالبيت فمنعوا من ذلك ، وهم في حال قوة واستعداد لمحاربة قريش. كما أنّ شروط الصلح أثارت غضب المسلمين ، فقال عمر بن الخطاب : يا رسول الله ، ألست برسول الله؟ فقال بلى ، قال عمر : ألسنا على الحق وعدوّنا على الباطل؟ قال : بلى ، قال فعلام نعطي الدّنيّة في ديننا إذن؟ فقال رسول الله (ص) : «أنا عبد الله ورسوله لن أخالف أمره ولن يضيّعني».
ولكن أبا بكر كان أكثر الناس وثوقا بما اختاره النبي ، وبأن الحكمة والخيرة في اختياره.
ثم وقّع الطرفان على الصلح. وبعد ذلك توافدت قبيلة خزاعة فدخلت في عهد رسول الله ؛ وتوافدت قبيلة بكر فدخلت في حلف قريش. وقد كان لهذا الصلح أكبر الأثر في سير الدعوة الإسلامية. فقد اعترفت قريش بالمسلمين ، كما سمحت لهم بدخول مكة في العام القادم. ولما دخلوا مكة ، شاهدهم أهلها ، وسمعوا لقولهم ، ورأوا عبادتهم ، فتفتّحت قلوبهم