أدب المؤمنين مع الله ورسوله
الآيات [١ ـ ٥]
قال الله تعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللهِ وَرَسُولِهِ وَاتَّقُوا اللهَ إِنَّ اللهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ) (١) فذكر من أدب المؤمنين مع الله ورسوله ألّا يتقدموا عليهما بالرأي ، وألّا يرفعوا أصواتهم فوق صوت الرسول (ص) ، وألّا يجهروا له بالخطاب كجهر بعضهم لبعض ، وألّا ينادوه من وراء الحجرات كما ناداه بعض جفاة الأعراب : (وَلَوْ أَنَّهُمْ صَبَرُوا حَتَّى تَخْرُجَ إِلَيْهِمْ لَكانَ خَيْراً لَهُمْ وَاللهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ) (٥).
أدب المؤمنين في سماع الأخبار
الآيات [٦ ـ ٨]
ثم قال تعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جاءَكُمْ فاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْماً بِجَهالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلى ما فَعَلْتُمْ نادِمِينَ) (٦) ، فذكر من أدب المؤمنين في سماع الأخبار أن يتثبّتوا في تصديق أخبار الفسّاق ، فلا يسمعوا لكلّ ما يلقى إليهم كما سمعوا لما ألقي إليهم ، في ذلك الصلح ، ولو أن الرسول سمع إليهم في هذا وفي غيره من أمورهم ، لوقعوا في العنت. ولكن الله حبّب إليهم الإيمان ، وكرّه إليهم الكفر والفسوق والعصيان ، فلم يجعلوا لهم رأيا مع رأيه (فَضْلاً مِنَ اللهِ وَنِعْمَةً وَاللهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ) (٨).
ترغيب المؤمنين في الصلح
الآيات [٩ ـ ١٨]
ثم قال تعالى : (وَإِنْ طائِفَتانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُما) [الآية ٩] ، فرغّب المؤمنين في الصلح لئلّا يأبوه كما أبوه في الحديبية ، وأمرهم أن يصلحوا بين كلّ طائفتين تقتتلان من المؤمنين ، وأن يقاتلوا من يأبى منهما الصلح حتى يرضى به ، فإذا رضي به وجب أن يصلح بينهما بالعدل ، ثم نهاهم عمّا يوجب الخصام بينهم من سخرية بعضهم ببعض ، ومن عيب بعضهم الآخر في غيبته ، وهو اللّمز ، ومن تسمية بعضهم بعضا بما يحطّ منه ، وهو النّبز ، ومن سوء ظنّ بعضهم ببعض ، إلى غير هذا ممّا يوجب الخصام بينهم ؛ ثم ذكر ، جلّ وعلا ، أنه خلقهم شعوبا وقبائل ليتعارفوا لا ليتناكروا ويتخاصموا ، وأنّ أكرمهم