المبحث السادس
لكل سؤال جواب في سورة «فصّلت» (١)
إن قيل ما الحكمة في زيادة «من» في قوله تعالى : (وَمِنْ بَيْنِنا وَبَيْنِكَ حِجابٌ) [الآية ٥] مع أن المعنى حاصل بالقول «وبيننا وبينك حجاب»؟
قلنا : لو قيل كذلك ، لكان المعنى أن الحجاب حاصل وسط الجهتين ، وأما بزيادة «من» فمعناه أن الحجاب ابتداؤه منا ومنك ، فالمسافة المتوسطة بيننا وبينك مستوعبة بالحجاب لا فراغ فيها.
فإن قيل : قوله تعالى : (أَإِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ بِالَّذِي خَلَقَ الْأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ) [الآية ٩] ، إلى قوله تعالى : (فَقَضاهُنَّ سَبْعَ سَماواتٍ فِي يَوْمَيْنِ) [الآية ١٢] يدل على أن السموات والأرض وما بينهما خلقت في ثمانية أيام ، وقال تعالى في سورة الفرقان (الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَما بَيْنَهُما فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ) [الفرقان / ٥٩] فكيف التوفيق بينهما؟
قلنا : معنى قوله تعالى : (فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ) (١٠) [الآية ١٠] في تتمة أربعة أيام ، لأن اليومين اللذين خلق سبحانه فيهما الأرض من جملة الأربعة ، أو معناه : كل ذلك في أربعة أيام يعني خلق الأرض ، وما ذكر بعدها ، فصار المجموع ستة ؛ وهذا لا اختلاف فيه بين المفسّرين.
فإن قيل : السموات وما فيها أعظم من الأرض وما فيها ، بأضعاف
__________________
(١). انتقي هذا المبحث من كتاب «أسئلة القرآن المجيد وأجوبتها» ، لمحمد بن أبي بكر الرازي ، مكتبة البابي الحلبي ، القاهرة ، غير مؤرّخ.