لتقوية تلك الحقيقة الأولى ، وتوكيدها.
ويسير سياق السورة في عرض تلك الحقيقة ، وما يصاحبها من موضوعات أخرى ، بطريقة تدعو إلى مزيد من التدبّر والملاحظة ، «فهي تعرض من جوانب متعددة ، يفترق بعضها عن بعض ، ببضع آيات ، تتحدث عن وحدانية الخالق ، أو وحدانية الرازق ، أو وحدانيّة المتصرّف في القلوب ، أو وحدانيّة المتصرّف في المصير ، في حين أنّ الحديث عن حقيقة الوحي والرسالة يتّجه إلى تقرير وحدانية الموحي ، سبحانه ، ووحدة الوحي ، ووحدة العقيدة ، ووحدة المنهج والطريق ؛ وأخيرا وحدة القيادة البشرية في ظل العقيدة.
ومن ثمّ يرتسم في النفس خط الوحدانية بارزا واضحا بشتّى معانيه وشتى إيحاءاته من وراء موضوعات السورة جميعها» (١).
موضوع السورة
يمكن أن نقسم سورة الشورى إلى فصلين رئيسين. يتناول الفصل الأول وحدة الأهداف الرئيسية للرسالات السماوية ، ويتناول الفصل الثاني بعض صفات المؤمنين ودلائل الإيمان.
الفصل الأول :
وحدة أهداف الرسالات
يتناول النصف الأول من السورة الآيات [١ ـ ٢٤] ، ويبدأ بالتحدّث عن الوحي ، ثم يعالج قصّة الوحي منذ النبوّات الأولى ، ليقرّر وحدة الدّين ووحدة المنهج ، ووحدة الطريق ، وليعلن القيادة الجديدة للبشريّة ممثلّة في رسالة محمد (ص) ، وفي العصبة المؤمنة بهذه الرسالة.
***
وتشير السورة إلى هذه الوحدة في مطلعها :
(كَذلِكَ يُوحِي إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ اللهُ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ) (٣) ، لتقرّر أن الله سبحانه هو الموحي بالرسالات جميعها للرسل جميعهم ، وأنّ الرّسالة الأخيرة ، هي امتداد لأمر مقرّر مطّرد من قديم.
وتأتي الإشارة الثانية بعد قليل :
__________________
(١). في ظلال القرآن بقلم سيد قطب ٢٤ / ٧.