بينما السماء والأرض والشمس والقمر والملائكة ... كلهم يسجدون لله ، ويخضعون لأمره ، ويسلمون ويستسلمون.
موضوعات السورة
في سورة «فصلت» موضوعان اثنان :
الموضوع الأول
يستغرق نصف السورة الأول الآيات [١ ـ ٣٦] ، ويبدأ بالآيات التي تتحدث عن تنزيل الكتاب وطبيعته ، وموقف المشركين منه ، وتليها قصّة خلق السماء والأرض ، فقصّة عاد وثمود ، فمشهدهم في الآخرة تشهد عليهم الأسماع والأبصار والجلود. ومن هنا يرتد السياق إلى الحديث عنهم في الدنيا وكيف ضلّوا هذا الضلال ، فيذكر أن الله سبحانه قيّض لهم قرناء سوء من الجن والإنس ، يزيّنون لهم ما بين أيديهم وما خلفهم ، ومن آثار هذا قولهم ، كما ورد في التنزيل : (لا تَسْمَعُوا لِهذَا الْقُرْآنِ وَالْغَوْا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَغْلِبُونَ) (٢٦).
ثم موقفهم يوم القيامة حانقين على هؤلاء الذين خدعوهم من قرناء الجن والإنس. وفي الجهة الأخرى نجد الذين قالوا : ربّنا الله ، ثم استقاموا.
وهؤلاء تتنزل عليهم الملائكة ، لا قرناء السوء ، يطمئنونهم ويبشرونهم ويعلنون ولايتهم لهم في الدنيا والآخرة ؛ ويلي هذا ما جاء عن الدعوة والداعية ، وبذلك ينتهي الموضوع الأول.
الموضوع الثاني
تتحدّث الآيات [٣٧ ـ ٥٤] عن آيات الله من الليل والنهار ، والشمس والقمر ، والملائكة العابدة ، والأرض الخاشعة ، والحياة التي تهتز فيها وتربو بعد الموات. ويلي هذا الحديث عن الذين يلحدون في آيات الله وفي كتابه. وهنا يجيء ذلك الحديث عن هذا الكتاب ، ويشار إلى كتاب موسى واختلاف قومه فيه ، وأنه لو لا سبق حكمه بإمهالهم لعجّل بقضائه بينهم.
وهنا يرد حديث عن الساعة واختصاص علم الله بها ، وعلمه بما تكنّه الأكمام من ثمرات ، وما تكنّه الأرحام من أنسال ، ويعرض مشهد الكافرين وهم يسألون عن الشركاء. يلي هذا الحديث عن النفس البشرية عارية من أستارها ، ومع حرص