الإنسان على نفسه هكذا ، فإنه لا يحتاط لها ، فيكذب ويكفر ، غير محتاط لما يعقب هذا التكذيب من دمار وعذاب.
وتختم السورة بوعد من الله سبحانه ، أن يكشف للناس عن آياته ، في الآفاق وفي أنفسهم. وقد صدق الله وعده ، فكشف لهم عن آياته في الآفاق خلال الأربعة عشر قرنا ، التي تلت هذا الوعد ، فعرفوا كثيرا عن مادة هذا الكون ، وعرفوا أن أساس بناء هذا الكون هو الذرّة ، وأدركوا أن الذّرة تتحول إلى الإشعاع ، كما فهموا أن الكون كله من الإشعاع.
وعرفوا الكثير عن كروية الأرض ، وحركتها حول نفسها ، وحول الشمس ؛ وعرفوا الكثير عن المحيطات والأنهار ، والمخبوء في جوف الأرض من الأرزاق.
وفي آفاق النفس اهتدى الإنسان إلى معرفة الكثير عن خصائص الجسم البشري وأسراره ، ووظائفه وأمراضه ، وغذائه وتمثيله ، وأسرار عمله وحركته ، ثم عن تطوّر المعرفة حول ذكاء الإنسان ، ونفسية الأفراد والجماعات ، وقياس السلوك ، ولا يزال الإنسان في الطريق إلى اكتشاف نفسه ، واكتشاف الكون من حوله ، حتّى يحقّ وعد الله بأن كلماته حقّ ، وآياته صدق ، وكتابه منزل ، وهو على كل شيء شهيد ... قال تعالى :
(سَنُرِيهِمْ آياتِنا فِي الْآفاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ (٥٣) أَلا إِنَّهُمْ فِي مِرْيَةٍ مِنْ لِقاءِ رَبِّهِمْ أَلا إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ مُحِيطٌ) (٥٤).