المبحث السادس
لكل سؤال جواب في سورة «الأحقاف» (١)
لم يقول تعالى : (أُولئِكَ الَّذِينَ نَتَقَبَّلُ عَنْهُمْ أَحْسَنَ ما عَمِلُوا) [الآية ١٦] ، مع أن حسن ما عملوا يتقبّل عنهم أيضا؟
قلنا : أحسن بمعنى حسن ، وقد سبق نظيره في سورة الروم.
فإن قيل : لم قال تعالى في وصف الفريقين (وَلِكُلٍّ دَرَجاتٌ مِمَّا عَمِلُوا) [الآية ١٩] مع أن أهل النار لهم دركات لا درجات؟
قلنا : الدّرجات الطبقات من المراتب مطلقا من غير اختصاص. الثاني أن فيه إضمارا تقديره : ولكل فريق درجات أو دركات مما عملوا ، إلا أنه حذف اختصارا لدلالة المذكور عليه.
فان قيل : كيف طابق الجواب السؤال في قوله تعالى (فَأْتِنا بِما تَعِدُنا إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ (٢٢) قالَ إِنَّمَا الْعِلْمُ عِنْدَ اللهِ)؟
قلنا : طابقه من حيث إن قولهم ذلك استعجال للعذاب الذي توعّدهم به ، بدليل قوله تعالى بعده : (بَلْ هُوَ مَا اسْتَعْجَلْتُمْ بِهِ) [الآية ٢٤] فقال لهم لا علم لي بوقت تعذيبكم ، بل الله تعالى هو العالم به وحده.
فإن قيل : لم قال تعالى في وصف الريح : (تُدَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ بِأَمْرِ رَبِّها) [الآية ٢٥] وكم من شيء لم تدمّره؟
قلنا : معناه تدمّر كلّ شيء مرّت به
__________________
(١). انتقي هذا المبحث من كتاب «أسئلة القرآن المجيد وأجوبتها» ، لمحمد بن أبي بكر الرازي ، مكتبة البابي الحلبي ، القاهرة ، غير مؤرّخ.