المبحث السادس
لكل سؤال جواب في سورة «ق» (١)
إن قيل : أين جواب القسم في قوله تعالى : (ق وَالْقُرْآنِ الْمَجِيدِ) (١)؟
قلنا : فيه وجوه : أحدها أنه مضمر تقديره : إنهم مبعوثون بعد الموت.
الثاني : أنّه قوله تعالى : (قَدْ عَلِمْنا ما تَنْقُصُ الْأَرْضُ مِنْهُمْ) [الآية ٤] واللام محذوفة لطول الكلام ؛ والتقدير : لقد علمنا كما في قوله تعالى : (قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاها) (٩) [الشمس].
الثالث : أنه قوله تعالى : (ما يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ) [الآية ١٨].
فإن قيل : لم قال تعالى : (وَحَبَّ الْحَصِيدِ) (٩) وقد أراد به الحبّ الحصيد ، فأضاف الشيء إلى نفسه ؛ والإضافة تقتضي المغايرة بين المضاف والمضاف إليه؟ قلنا : معناه وحبّ الزرع الحصيد ، أو النبات الحصيد. الثاني : أن إضافة الشيء الى نفسه جائزة عند اختلاف اللفظين ، كما في قوله تعالى (حَقُّ الْيَقِينِ) (٩٥) [الواقعة]. و (حَبْلِ الْوَرِيدِ) (١٦) ، و (وَعْدَ الصِّدْقِ) [الأحقاف / ١٦].
فإن قيل : لم قال تعالى : (عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمالِ قَعِيدٌ) (١٧) ولم يقل قعيدان ، وهو وصف للملكين اللذين سبق ذكرهما بقوله تعالى : (إِذْ يَتَلَقَّى الْمُتَلَقِّيانِ) [الآية ١٧]؟
قلنا : معناه عن اليمين قعيد ، وعن الشمال قعيد ، إلا أنه حذف أحدهما لدلالة المذكور عليه ، كما قال الشاعر :
__________________
(١). انتقي هذا المبحث من كتاب «أسئلة القرآن المجيد وأجوبتها» ، لمحمد بن أبي بكر الرازي ، مكتبة البابي الحلبي ، القاهرة ، غير مؤرّخ.