المبحث الثاني
ترابط الآيات في سورة «ق» (١)
تاريخ نزولها ووجه تسميتها
نزلت سورة «ق» بعد سورة المرسلات ، ونزلت سورة المرسلات بعد تسع آيات من سورة النجم ، ونزلت سورة النجم بعد الهجرة الأولى للحبشة ، وكانت هذه الهجرة في السنة السابعة من البعثة ؛ فيكون نزول سورة «ق» في ذلك التاريخ أيضا ، وتكون من السور التي نزلت فيما بين الهجرة الى الحبشة والإسراء. وقد سميت هذه السورة بهذا الاسم لابتدائها بالقسم به ، وتبلغ آياتها خمسا وأربعين آية.
الغرض منها وترتيبها
الغرض من هذه السورة إنذار المشركين بعذاب الدنيا والآخرة ، وإثبات ذلك بالدليل مرّة وبالترهيب أخرى ؛ وهو يعود بهذا إلى سياق السور السابقة لسور «محمد» و «الفتح» و «الحجرات». وقد ذكرت هذه السور الثلاث في مواضعها للمناسبات السابقة ؛ فلما انتهى منها عاد السياق الى ما كان عليه قبلها ، وللفصل بينها ، بذلك ، فائدته في تنويع الأسلوب ، وتجديد نشاط السامع.
إثبات الإنذار بالعذاب
الآيات [١ ـ ٣٨]
قال الله تعالى : (ق وَالْقُرْآنِ الْمَجِيدِ (١) بَلْ عَجِبُوا أَنْ جاءَهُمْ مُنْذِرٌ مِنْهُمْ فَقالَ الْكافِرُونَ هذا شَيْءٌ عَجِيبٌ) (٢) فأقسم على أن النبي (ص) بعث لينذرهم
__________________
(١). انتقي هذا المبحث من كتاب «النظم الفنّي في القرآن» ، للشيخ عبد المتعال الصعيدي ، مكتبة الآداب بالجمايز ـ المطبعة النموذجية بالحكمية الجديدة ، القاهرة ، غير مؤرّخ.