بعذابه ، وذكر أنهم عجبوا أن يجيئهم منذر منهم ، وأن يبعثوا لذلك بعد أن يصيروا ترابا وتتفرّق أجزاؤهم ، وأجاب سبحانه عن هذا بأنه يعلم ما تفرّق من أجزائهم في الأرض فيقدر على جمعها ، وكذلك يعلم أعمالهم ، ويحفظها في كتاب عنده ليحاسبهم عليها ، ثم أخذ السياق بعد هذا في ذكر آيات الله جلّ جلاله في السماء والأرض ، ليعلموا أن من يقدر عليها يقدر على بعثهم وعذابهم ؛ وانتقل منه الى ترهيبهم بذكر ما حصل لمن كذّب قبلهم من قوم نوح وأصحاب الرّسّ وغيرهم. ثم عاد السياق الى أخذهم بالدليل ، فذكر أنه ، سبحانه ، لم يعي بالخلق الأول حتى يعيا عن إعادته ؛ وبيّن الخلق الأول بأن الله جلّت قدرته هو الذي خلق الإنسان ، ويعلم ما توسوس به نفسه ، فلم يتركه سدّى بل وكّل به ملكين يحفظان كل ما يلفظ به ؛ فإذا مات وبعث وجد أقواله وأفعاله محفوظة في كتابهما ، وألقي في جهنّم على ما كان منه من كفر ومنع للخير وغيرهما ؛ ثم ذكر السياق بعد هذا ما أعده سبحانه لمن خشيه وآمن به ، جمعا بين الترهيب والترغيب ؛ ثم ذكّرهم في إطار الترهيب ، بمن أهلكه الله قبلهم ممن كان أشدّ منهم بطشا ، ليعلموا أنه تعالى قادر على إهلاكهم وبعثهم بعد موتهم ؛ والى ذكر خلقه السماوات والأرض وما بينهما في ستة أيام من غير أن يمسّه لغوب ، ليستدلوا به على قدرته على ذلك أيضا ؛ ثم ختمت السورة بأمر النبي (ص) بالصبر على تكذيبهم له في ذلك ، وأن يستعين على هذا بالتسبيح بحمد ربّه قبل طلوع الشمس وقبل الغروب ، ومن الليل وأدبار السجود ؛ ثم أمره أن يستمع يوم ينادي المنادي بما يكذّبونه فيه من بعثهم ، إيذانا بأنه قريب منهم ، ومضى السياق في هذا الى قوله تعالى : (نَحْنُ أَعْلَمُ بِما يَقُولُونَ وَما أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِجَبَّارٍ فَذَكِّرْ بِالْقُرْآنِ مَنْ يَخافُ وَعِيدِ) (٤٥).