مضاعفة ، فما الحكمة في أن الله سبحانه خلق الأرض وما فيها في أربعة أيام ، والسموات وما فيها في يومين؟
قلنا لأن السموات وما فيها من عالم الغيب ، ومن عالم الملكوت ، ومن عالم الأمر ، والأرض وما فيها من عالم الشهادة والملك ، وخلق الأول أسرع من الثاني. ووجه آخر ، وهو أنه فعل ذلك ليعلم أن الخلق على سبيل التدريج والتمهيل في الأرض ، وما فيها لم يكن للعجز عن خلقها دفعة واحدة ، بل كان لمصالح لا تحصل إلّا بذلك ، ولهذه الحكمة خلق العالم الأكبر في ستة أيام ، والعالم الأصغر وهو الإنسان في ستة أشهر.
فإن قيل : لم قال تعالى في وصف أهل النار : (فَإِنْ يَصْبِرُوا فَالنَّارُ مَثْوىً لَهُمْ) (٢٤) [الآية ٢٤] مع أنهم إن لم يصبروا على عذاب النار ، وجزعوا فالنار مثوى لهم أيضا؟
قلنا : فيه إضمار تقديره : فإن يصبروا أولا يصبروا ، فالنار مثوى لهم ، على كل حال ؛ ولا ينفعهم الصبر في الآخرة كما ينفع الصبر في الدنيا ؛ ولهذا قيل الصبر مفتاح الفرج ، وقيل من صبر ظفر. الثاني : أنّ هذا جواب لقول المشركين ، في حثّ بعضهم لبعض على إدامة عبادة الأصنام : (أَنِ امْشُوا وَاصْبِرُوا عَلى آلِهَتِكُمْ) [ص / ٦] فقال الله تعالى : فإن يصبروا على عبادة الأصنام في الدنيا ، فالنار مثوى لهم في العقبى.
فإن قيل : لم قال تعالى في وصف الكفّار : (وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَسْوَأَ الَّذِي كانُوا يَعْمَلُونَ) (٢٧) أي بأسوأ أعمالهم ، مع أنهم يجزون بسيّئ أعمالهم أيضا؟
قلنا : قد سبق نظير هذا السؤال في آخر سورة التوبة ، والجواب الأول هناك يصلح جوابا هنا.
فإن قيل : ما الحكمة في قوله تعالى : (وَلا لِلْقَمَرِ) [الآية ٣٧] بعد قوله تعالى : (لا تَسْجُدُوا لِلشَّمْسِ) [الآية ٣٧] وهو مستفاد من الأول بالطريق الأولى؟
قلنا : فائدته ثبوت الحكم بأقوى الدليلين ، وهو النص ، والله أعلم.